random
مقالات عشوائية :

تفسير سورة الناس

الحجم
محتويات المقال

  

تفسير سورة الناس


         تُعَدُ سورةُ النّاسِ مِنَ السُّوَرِ المكيَّةِ، التي نَزَلت على رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبلَ الهجرَةِ، وعدد آياتها 6، وَسُميَّت بذلكَ لأنَّ كلمةَ النّاس قد تكررت في آياتِها.

 

1) أسباب نزول سورة الناس 

 سببُ نزولِ هَذِهِ السورةِ، هو المرضُ الذي مَرِضَهُ رسول الله، فبعثَ الله لَهُ مَلكينِ يداويانِهِ، فجلسَ مَلَكٌ عِندَ رأسِهِ ومَلَكٌ عندِ قدميهِ، فتبينَ لهم أنَّ الذي برسولِ الله هو السِحر، وأنَّ الذي سحَرَهُ هو لبيد بن الأعصم اليهوديُّ، وسحرُهُ في بئرٍ في بيت أحدٍ مِنَ النّاسِ، فذهبَ المَلكانِ وقاما بحرقِ السحرِ، وفي صباح اليومِ الذي يليهِ، أرسلَ رسول اللهِ عمار بن ياسر ومن معهُ إلى ذلك البئر، فوجدوا الماءَ فيهِ كالحِنّاءِ، فَعاوَدوا حَرقَهُ، ووجدوا فيه إحدىَ عَشرَ عُقدةً، فأحضروهُ لِرَسول الله، وكانَ كُلما قرأَ بآيةٍ من سورةِ النّاسِ، تنحلُ مِنهُ عُقدةً، حتى انفكَ السِحرُ كُلَّهُ.

 

2) المقصدُ من سورةِ النّاسِ 

المقصد هو الدَّعوةُ إلى التوحيدِ، والإلتجاءُ للهِ تَعالى، والتَحصُّن بهِ، والاعتصامُ باللهِ مِنَ شَرِّ كُلِ شيطانٍ، من الجنِ والإنسِ.

 

 3) تفسير سورة الناس 

الآيةُ الأولى قَوله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)

 يُخاطب الله نبيَهُ محمد، ويأمُرهُ بأنْ يعوذ ويعتصم بالله ربِ النّاس، فهو وحده القادر على أنْ يَردَ عنهُ شرَّ وسواسِ الشيطَان. فالله هو رب كل شيء ومليكه وإلهه، فجميع الأشياء مخلوقة له، مملوكة عبيد له، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات، وأن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب.

 

الآيةُ الثانيةُ قَوله تعالى: (مَلِكِ النَّاسِ)

مَلِكِ النّاسِ هو الله المُتصرفُ في شؤونِ العبادِ، والغنيُّ عِن العالمين. وإنما قال : ملك الناس إله الناس لأن في الناس ملوكا يذكر أنه ملكهم. وفي الناس من يعبد غيره، فذكر أنه إلههم ومعبودهم، وأنه الذي يجب أن يستعاذ به ويلجأ إليه دون الملوك والعظماء.

 

الآيةُ الثالثةُ قَوله تعالى: (إِلَهِ النَّاسِ)

  أي الإله الذي لا يُعْبدُ بحقٍ غَيرُهُ.


الآيةُ الرابِعَةُ قَوله تعالى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ)

    يعني من شر الشيطان أي من شر ذي الوسواس. والوسوسة هي حديث النفس. وقيل : إن الوسواس الخناس ابن لإبليس، ووصف بالخناس لأنه كثير الاختفاء؛ ومنه قول الله تعالى : (فلا أقسم بالخنس) يعني النجوم، لاختفائها بعد ظهورها. وقيل : لأنه يخنس إذا ذكر العبد الله أي يتأخر. وفي الخبر ' إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا غفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس أي تأخر وأقصر. وقال قتادة : الخناس الشيطان له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان، فإذا غفل الإنسان وسوس له، وإذا ذكر العبد ربه خنس. يقال : خنسته فخنس؛ أي أخرته فتأخر. وقال ابن عباس : إذا ذكر الله العبد خنس من قلبه فذهب، وإذا غفل التقم قلبه فحدثه ومناه. وقال إبراهيم التيمي : أول ما يبدو الوسواس من قبل الوضوء. وقيل : سمي خناسا لأنه يرجع إذا غفل العبد عن ذكر الله.

 

الآيةُ الخامسةُ قَوله تعالى: (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)

   يعني الذي ينشرُ الشرَّ والشَّكَ في صُدورِ النّاسِ. قال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير، يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، سلطه الله على ذلك؛ فذلك قوله تعالى : الذي يوسوس في صدور الناس. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم". وروى شهر بن حوشب عن أبي ثعلبة الخشني قال : سألت الله أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم فرأيته، يداه في يديه، ورجلاه في رجليه، ومشاعبه في جسده؛ غير أن له خطما كخطم الكلب، فإذا ذكر الله خنس ونكس، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه. فعلى ما وصف أبو ثعلبة أنه متشعب في الجسد؛ أي في كل عضو منه شعبة.

 

الآيةُ السادسةُ قَوله تعالى: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)

   أي مِنْ شَيَاطينِ الجنِّ، وشياطينِ الإنسِ.

  قال الحسن : هما شيطانان ؛ أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية. وقال قتادة : إن من الجن شياطين، وإن من الإنس شياطين؛ فتعوذ بالله من شياطين الإنس والجن .
وروي عن أبي ذر أنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شياطين الإنس؟ فقال : أومن الإنس شياطين؟ قال : نعم؛ لقوله تعالى : (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن . . .). وذهب قوم إلى أن الناس هنا يراد به الجن. سموا ناسا كما سموا رجلا في قوله تعالى : (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن)، وقوما ونفرا. فعلى هذا يكون (والناس)  عطفا على الجنة، ويكون التكرير لاختلاف اللفظين. وقوله : (من الجنة) بيان أنه من الجن والناس معطوف على الوسواس. والمعنى : قل أعوذ برب الناس من شر الوسواس، الذي هو من الجنة، ومن شر الناس . فعلى هذا أمر بأن يستعيذ من شر الإنس والجن . والجنة : جمع جني؛ كما يقال : إنس وإنسي. والهاء لتأنيث الجماعة. وقيل : إن إبليس يوسوس في صدور الجن، كما يوسوس في صدور الناس. فعلى هذا يكون في صدور الناس عاما في الجميع. ومن الجنة والناس بيان لما يوسوس في صدره. وقيل : معنى من شر الوسواس أي الوسوسة التي تكون من الجنة والناس، وهو حديث النفس. وقد روى ابوهريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به" رواه مسلم.

 

4) فضل سورة الناس  

     سورةُ النّاسِ مِنَ السُّورِ ذاتِ الفَضلِ الكَبير، والتي جاءَ العديدُ مِنَ النصُّوصِ، التي تُبينُ فضلَها، وأهميتها، حَيثُ قال رسول الله: "أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ، (قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ)، (وَقُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ)"، وروت عائشةُ أم المؤمنين رضي الله عنها عن رسول الله فقالت: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ"، وسُّورَةُ النَّاسِ مِنَ السُّوَرِ التي تُستَخدَمُ في الرُّقية من السِّحرِ والعَينِ، وللشفاءِ مِنَ الأمراضِ، وللتحصُّنِ باللهِ تعالى من الشرورِ والأذى.


google-playkhamsatmostaqltradent