6- الإغلاظ والعقوبة :
1- أن
الله سبحانه وتعالى وصفه بالرفق واللين أو بما يؤدي إلى ذلك قال تعالى : (فبما
رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) فوصفه باللين، وقال
تعالى : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف
رحيم) ولا أدل على وصفه عليه الصلاة والسلام من وصف الله له
فهو العليم به سبحانه .
2- وصف أصحابه له :
فقد وصفه معاوية بن الحكم رضي
الله عنه بقوله : فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه
فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، رواه مسلم.
3- أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالرفق فهو
القدوة في ذلك وهو الذي نزل عليه : (لم تقولون ما لا تفعلون) فهو أقرب الناس إلى
تطبيقه وامتثاله، وحينما أرسل معاذاً وأبا موسى إلى اليمن قال لهما : "يسرا
ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا" رواه البخاري ومسلم.
4- ثناؤه
صلى الله عليه وسلم على الرفق، ومن ذلك في قوله : "ما كان الرفق في شيء إلا
زانه ولا نزع من شيء إلا شانه" وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : "إن
الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" رواه
البخاري ومسلم، وفي رواية : "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على
الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه" رواه مسلم .
وفي حديث جرير رضي الله عنه : "من
يحرم الرفق يحرم الخير" رواه مسلم، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف.
5- سيرته
العملية في التعامل مع أصحابه فقد كان متمثلاً الرفق في كل شيء ومن ذلك :
أ) قصة الأعرابي الذي بال في المسجد والقصة
مشهورة.
ب) قصة عباد بن شرحبيل رضي
الله عنه يرويها فيقول : أصابنا عام مخمصة فأتيت المدينة فأتيت حائطا من حيطانها
فأخذت سنبلا ففركته وأكلته وجعلته في كسائي، فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي،
فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال للرجل : "ما أطعمته إذ كان
جائعا -أو ساغبا- ولا علمته إذ كان جاهلا"، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فرد
إليه ثوبه وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق، رواه
أحمد وأبو داود وابن ماجه .
ج) قصة سلمة بن صخر الأنصاري رضي الله عنه قال :
كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان تظاهرت من
امرأتي حتى ينسلخ رمضان، فرقا من أن أصيب منها في ليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن
يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها
شيء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري فقلت انطلقوا معي إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأمري فقالوا : لا والله لا نفعل نتخوف أن
ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يبقى علينا
عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، قال : فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخبرته خبري فقال : " أنت بذاك؟ " قلت : أنا بذاك، قال :"
أنت بذاك؟" قلت : أنا بذاك، قال : " أنت بذاك؟" قلت : أنا بذاك،
وها أنا ذا فأمض في حكم الله فإني صابر لذلك، قال :"أعتق رقبة" قال :
فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت : لا والذي بعثك بالحق لا أملك غيرها، قال :"صم
شهرين" قلت : يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام؟ قال : "فأطعم
ستين مسكينا" قلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ما لنا عشاء،
قال : "اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها
وسقا ستين مسكينا، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك"، قال فرجعت إلى قومي
فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة
والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، فدفعوها إلي، رواه أحمد وأبو
داود والترمذي وابن ماجه.