فوائد المحن والشدائد والابتلاءات،
ان الله عز وجل يمتحن عباده بمجموعة من المحن، ولكن الإنسان قد ينظر إلى الظواهر ويترك
البواطن، وينظر إلى آلام المخاض وينسى فرحة الميلاد، وكما تعلمون ان الذهب حينما يستخرج
خاماً لابد أن يوضع في النار حتى ينقى من الشوائب ويصير ذا قيمة، كذلك تفعل
المحن والشدائد والبلاءات بالعبد المسلم. قال الله عز وجل : (وَلِيُمَحِّصَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) آل عمران الآية 141.
وان لهذه الاختبارات أي المحن والشداء والبلاءات فوائد كثيرة، نذكر منها :
1- تظهير الصديق من العدو
إن المحن تظهر الصديق من العدو وتعرف الإنسان
محبيه من مبغضيه فيظهرون وقت الشدة، أما المحب فيقف بجانبك منصفاً، وأما
المبغض فيقف وراءك شامتاً، والشماتة ليست من خلق المسلم وفي الأثر جاء : 'لا تظهر
الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك'،وفي المحن يبحث لك المحبون عن عذر،
والمبغضون يبحثون لك عن عثرة، والمنصفون يوازنون الأمور حتى يحكموا بالعدل.
2- مراجعة النفس
إن المحن تؤدى إلى مراجعة النفس ومعرفة
مسارها ومن أين أُتيت، فيصحح الإنسان مساره ويقاوم عيوبه فيصبح شخصاً آخر يقر
بالحق ولا يعاند بالباطل، فيقر بخطئه ويعترف بذنبه ويتوب إلى ربه، وإن هذا المثل
كمثل رجل عند ولده فهو يحبه لكنه يجده يخطئ ويتنكب الطريق، ومازال يتنكب حتى
يخشى عليه من العثرات فهو من فرط حبه له، وإشفاقه عليه، يقسو عليه ويلزمه
بأمور شديدة حتى يصنع منه رجلاً.
3- تقدير النعمة
إن المحن تعرف الإنسان قدر النعمة التي هو فيها
فيشكر الله عليها ويحافظ عليها، إذ النعم منسيّة فإذا فقدت عُرفت، فيجتهد بالحفاظ
على النعم بطاعة الله وإتقان العمل، وسد الثغرات وإصلاح النية.
4- الطاقات الكامنة
إن المحن تخرج الطاقات الكامنة فتظهر قدرة
الإنسان الحقيقية، وتعوده الجد بعد أن تعود الكسل، والنشاط بعد الخمول، والعمل
لدين الله بعد أن أخذت الدنيا مجامع قلبه.
5- معرفة حقيقة الدنيا
إن المحن تعرف الإنسان حقيقة الدنيا، وأنها بين
لحظة وأخرى تنقلب على صاحبها، ألا فليعمل لله فهو ضمان الفوز، ولا يشغل نفسه
بالرزق والدنيا فهي آتية لا محالة.
6-تكفير الذنوب والتقرب الى الله
إن المحن تكفر الذنوب وتقرب من رب العباد، وفي
الحديث : "لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشى على الأرض ولا خطيئة له".
7- تكسير وترقيق القلب
إن المحن تكسر القلب لله، وتزيل الكبر من النفس
فيعود العبد ذليلاً بين يدي الله تعالى، وحينئذٍ يعود القلب قريباً من الله،
بعيداً عن الشيطان.
8- الحاجز النفسي
إن المحن تجعل بين الإنسان وبين الخطأ والزلل
حاجزاً نفسياً عميقاً، فلا يقع فيه مرة أخرى وتجعله يتخذ بعده سبيلا
يرفعه ولا يخفضه، يعزه ولا يذله.
9- حب الناصحين
إن الإنسان يحب من كان سببا في تنبيهه من
غفلته، فلولا أن الله سخره لبقي التراب على السطح ولظل المعدن مدفوناً في الشوائب.
خلاصة : اعلم أن بعد كل محنة منحة.