القى الاستاذ فتح الله بلحسن خطبة بمسجد الشهباء بمدينة سلا وذلك يوم 12 جمادى الالثاني 1441 الموافق ل 07 فبراير 2020 بعنوان : "الوصايا العشر"، وهذا نصها :
الحمد
لله الحمد لله أمر عباده المؤمنين بالتواصي بالحق والدفاع عنه في كل المجالات وبكل
الوسائل المؤدية إلى استقامة الأفراد والجماعات على نهج رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له
جعل العلم بالشيء الحسن وإتباعه من الوسائل المؤدية إلى خشية الله المفضية إلى
غفران الذنون. (إن الذين يشخون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير).
واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله علم أصحابه
ان المؤمن للمؤمن كالبيان يشد أزره ويعينه في كل شؤونه الدنيوية والأخروية، فكانوا
خير نماذج للمسلمين المتصافين والمتحابين في الله محبة تدفع إلى بذل كل ما يملكون لإسعاد
إخوانهم صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى
يوم الدين.
اما بعد أيها الإخوة المؤمنين ان مما يحسن
السلوك ويهذب الأخلاق ويجعل الفرد المسلم صورة من صحابة رسول الله صلى الله عليه
وسلم الذين اتخذوه نموذجهم الأعلى كما علمهم ربهم (ولكم في رسول الله إسوة حسنة)
ولذلك فكلما وجد الإنسان فرصة ليرقى بسلوك إخوانه ويحسن أخلاقهم إلا وابدي لهم من
النصح ما يسير بهم إلى ذلك سواء كان ذلك في درس أو في خطبة أو موعظة وهذه بعض
الوصايا التي تؤدي إلى الغرض المطلوب حتى نحدو حدو السابقين الأولين من عباد الله
المخلصين :
الوصية الأولى : ان يجهد الإنسان نفسه في أن
يطعم نفسه وأهله من حلال لأن من شأن الحلال أن يؤدي إلى استجابة الدعاء كما بين
ذلك رسول الله ص في الحديث الشريف "أطب مطعمك تستجب دعوتك".
الوصية الثانية : حسن الخلق علما أن أقرب
الناس منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنهم أخلاقا.
كن ابن من شأت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
الوصية الثالثة : معاشرة الأخيار ومجانبة الأشرار
فإن الجليس الصالح ينفعك ولا يضرك وينصحك كلما رأى منك ما يشين والجليس السوء يضرك
ولا ينفعك وقد تتعلم منه عادات تؤديك في صحتك وبدنك وتؤثر على سلوكك وتدينك يقول
ابن عطاء الله : 'لا تصحب من لا يعجبك حاله ولا يدللك على الله مقاله'.
الوصية الرابعة : لا تجالس أهل المعاصي ولا
تستمع إلى كلامهم لأنك تأتم إذا واظبت على مجالستهم دون أن تستطيع تغيير المنكر وإرجاعهم
إلى رشدهم ثم انه قد يتنزل بهم عقاب من الله فيصيبك معهم.
الوصية الخامسة : المبادرة إلى قضاء حوائج
المسلمين وإدخال السرور عليهم. لأن السعيد من جعل الله حوائج المسلمين على يده
فنصح في قضاءها وادخل الفرحة على قلوبهم بما يقدم لهم من المعونة والمساعدة يقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من
نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".
الوصية السادسة : الاتصاف بالرفق
والأناة والحلم والحذر من الغلطة والعجلة وإذا عرفت أن الرفق في كل الأمور مع
الأناة والحلم من الأخلاق الحميدة التي يندر الاتصاف بها إلا من رفقة الله فإنك
ستعمل على ترك معوقاتها كمعاملة الناس بالجفاء والغلطة وفضاضة الطبع والتسرع في
الأحكام لتكسب بذلك خلقا طيبا تسعد به وتسعد به غيرك وقد مدح الله سبحانه سيدنا إبراهيم
بالحلم في القرآن الكريم فقال : (إن إبراهيم لآواه حليم).
الوصية السابعة : إياك والنميمة التي تفسد بين الناس من جراء نقل الكلام
من هنا وهناك، وقد نهى الله عنها في القرآن الكريم وأمر بالابتعاد عن محترفيها
وعدم سماع كلامهم وإطاعتهم فقال : ( ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم).
الوصية الثامنة : إياك والغيبة التي تدفعك
الدوافع إلى ذكرك أخيك بما يكره فتأديه بلسانك وقد أمرت ان تحفظ لسانك عن الناس في
كل الأحوال وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا جاء يطلب النصيحة فقال له :
"امسك عليك لسانك"، وقد جاء في حديث آخر: "وهل يكب الناس في النار
على مناخيرهم إلا حصائل ألسنتهم".
الوصية التاسعة : إياك أن تحقر غيرك من
الناس أو تستقل أعمالهم فإن مرد الأمور إلى التقوى التي هي مدعاة القبول (إنما
يتقبل الله من المتقين).
الوصية العاشرة : لا تطعن في أحد ولا تعير
أحدا فإنك لا تخشى على نفسك الوقوع في المحذور ولأن تصرف وقتك في ذكر الله وتلاوة
القرآن خير لك ألف مرة من أن تجلس وتذكر عيوب الناس وتبحث عن زلاتهم وعوراتهم
لتعيرهم بها، وتذكر أن ربك رقيب عليك كما هو رقيب على غيرك يعلم كل شيء ويعفو عما
يشاء. قال تعالى : ( ولا تـقف ما ليس لك به علم، ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك
كان عنه مسؤولا).
وبعد، فيا إخواني هذه جملة وصايا استقيتها من
جو المعايشة اليومية لنا جميعا وأردت أن أسوقها لأوصي بها نفسي وإخواني لتسلم لنا
أعمالنا فيتهدب سلوكنا وتسمو أخلاقنا ونكون من الناخبين الأبرار ومن اتباع النبي
المختار الذين استجابوا لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم فقوي إيمانهم بربهم الذي
يتولاهم برحمته ورضوانه.
جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول
فيتبعون أحسنه وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين انه هو الغفور الرحيم آمين وآخر
دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.