random
مقالات عشوائية :

نصائح لاصلاح البيوت (الجزء الاول)

الصفحة الرئيسية

نصائح لاصلاح البيوت



    قال الله تعالى : (والله جعل لكم من بيوتكم سكناً) سورة النحل الآية 80.
   قال ابن كثير رحمه الله : 'يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن لهم يأوون إليها ويستترون وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع'.
ماذا يمثل البيت لأحدنا؟ 
أليس هو مكان أكله ونكاحه ونومه وراحته؟ 
أليس هو مكان خلوته واجتماعه بأهله وأولاده؟
أليس هو مكان ستر المرأة وصيانتها! قال تعالى : (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) سورة الأحزاب الآية 33.
وإذا تأملت أحوال الناس ممن لا بيوت لهم ممن يعيشون في الملاجئ، أو على أرصفة الشوارع، عرفت نعمة البيت، وإذا سمعت مضطربا يقول ليس لي مستقر، ولا مكان ثابت، أنام أحيانا في بيت فلان، وأحيانا في المقهى، أو الحديقة أو على شاطئ البحر؛ إذن لعرفت معنى التشتت الناجم عن حرمان نعمة البيت.
ولما انتقم الله من يهود بني النضير سلبهم هذه النعمة وشردهم من ديارهم فقال تعالى : (هو الذي أخرج الذين كفروا من ديارهم لأول الحشر). ثم قال : (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار)  سورة الحشر  الآية  2.

 أولا) الأمور الدافعة للاهتمام بإصلاح البيت

👈 وقاية النفس والأهل نار جهنم، والسلامة من عذاب الحريق، قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) سورة التحريم الآية 6.
  
👈 عظم المسئولية الملقاة على راعي البيت أمام الله يوم الحساب، قال صلى الله عليه وسلم : "إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".

👈 انه المكان لحفظ النفس، والسلامة من الشرور وكفها عن الناس، وهو الملجأ الشرعي عند الفتنة.
قال صلى الله عليه و سلم : "سلامة الرجل من الفتنة أن يلزم بيته".
ويستطيع المسلم أن يلمس فائدة هذا الأمر في حال الغربة عندما لا يستطيع لكثير من المنكرات تغييرا، فيكون لديه ملجأ إذا دخل فيه يحمي نفسه من العمل المحرم والنظر المحرم، ويحمي أهله من التبرج والسفور، ويحمي أولاده من قرناء السوء.

👈 أن الناس يقضون أكثر أوقاتهم في الغالب داخل بيوتهم، وخصوصا في الحر الشديد والبرد الشديد والأمطار وأول النهار وآخره، وعند الفراغ من العمل والدراسة، ولا بد من صرف الأوقات في الطاعات، وإلا ستضيع في المحرمات.

👈 وهذا هو أهمها، أن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم، فإن المجتمع يتكون من بيوت هي لبناته، والبيوت أحياء، والأحياء مجتمع، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعا قويا بأحكام الله، صامدا في وجه أعداء الله، يشع الخير ولا ينفذ إليه شر.
فيخرج من البيت المسلم إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه؛ من الداعية القدوة، وطالب العلم، والمجاهد الصادق، والزوجة الصالحة، والأم المربية، وبقية المصلحين.
  
فإذا كان الموضوع بهذه الأهمية، وبيوتنا فيها منكرات كثيرة، وتقصير كبير، وإهمال وتفريط؛ فهنا يأتي السؤال الكبير : ما هي وسائل إصلاح البيوت؟
والجواب هي نصائح في هذا المجال عسى الله أن ينفع بها، وأن يوجه جهود أبناء الإسلام لبعث رسالة البيت المسلم من جديد.
وهذه النصائح تدور على أمرين : إما تحصيل مصالح، وهو قيام بالمعروف، أو درء مفاسد وهو إزالة للمنكر.
  

ثانيا) تكوين البيت

النصيحة 1 : حسن اختيار الزوجة

قال تعالى : (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) سورة النور الآية 32.
ينبغي على صاحب البيت انتقاء الزوجة الصالحة بالشروط التالية :
1- قال صلى الله عليه وسلم : "تنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها، ولجملها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.
2- وقال ايضا :"الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" رواه مسلم
3- وقال ايضا: "ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة" رواه أحمد. وفي رواية قال : "وزوجة صالحة تعينك على أمر دنياك ودينك خير ما اكتنز الناس" رواه البيهقي
4- وقال أيضا : "تزوجوا الودود الولود إني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" رواه أحمد
   5- وقال ايضا : "عليكم بالأبكار فإنهن أنتق رحما، وأعذب أفواها، وأرضى باليسير" وفي رواية " وأقل خبا " أي : خداعا رواه ابن ماجة
وكما أن المرأة الصالحة واحدة من أربع من السعادة، فالمرأة السوء واحدة من أربع من الشقاء، كما جاء في الحديث الصحيح وفيه قوله : "فمن السعادة : المرأة الصالحة تراها فتعجبك، وتغيب عنا فتأمنها على نفسها ومالك، ومن الشقاء : المرأة التي تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك" رواه ابن حبان
وفي المقابل لابد من التبصر في حال الخاطب الذي يتقدم للمرأة المسلمة، والموافقة عليه حسب الشروط التالية حيث النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
ولابد في كل ما سبق من حسن السؤال وتدقيق البحث وجمع المعلومات والتوثق من المصادر والأخبار حتى لا يفسد البيت أو ينهدم .
والرجل الصالح مع المرأة الصالحة يبنيان بيتا صالحا لأن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا .
  

النصيحة 2 : السعي في إصلاح الزوجة

   إذا كانت الزوجة صالحة فهذه نعمة من فضل الله، وإن لم تكن بذاك الصلاح، فإن من واجبات رب البيت السعي في إصلاحها. وقد يحدث هذا في حالات منها : 
أن يتزوج الرجل امرأة غير متدينة أصلا؛ لكونه لم يكن مهتما بموضوع التدين هو نفسه في مبدا أمره، أو أنه تزوجها على أمل أن يصلحها، أو تحت ضغط أقربائه مثلا، فهنا لابد من التشمير في عملية الإصلاح .
ولابد أن يعلم الرجل أولا أن الهداية من الله، والله هو الذي يصلح، ومن منه على عبده زكريا قوله فيه : (وأصلحنا له زوجه) سورة الأنبياء  الآية 90.
سواء كان إصلاحا بدنيا أو دينيا، قال ابن عباس : كانت عاقرا لا تلد فولدت، وقال عطاء : كان في لسانها طول فأصلحها الله ولاستصلاح الزوجة وسائل منها :
1-   الاعتناء بتصحيح عبادتها لله بجميع أنواعها.
2-   السعي لرفع إيمانها في مثل حضها على قيام الليل وتلاوة الكتاب العزيز وحفظ الأذكار والتذكير بأوقاتها ومناسباتها وحثها على الصدقة.
3-   قراءة الكتب الإسلامية النافعة.
4-   سماع الأشرطة الإسلامية المفيدة؛ العلمية منها والإيمانية ومتابعة إمدادها بها.
5- اختيار صاحبات لها من أهل الدين تعقد معهن أواصر الاخوة، وتتبادل معهن الأحاديث الطيبة والزيارات الهادفة.
6-   درء الشر عنها وسد منافذه عليها، بإبعادها عن قرينات السوء وأماكن السوء.
7-   الإيمانيات في البيت

النصيحة 3 : اجعل البيت مكانا لذكر الله

   قال صلى الله عليه وسلم : "مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت".
فلابد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه؛ سواء ذكر القلب، وذكر اللسان، أو الصلوات وقراءة القرآن، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة.
وكم من بيوت المسلمين اليوم هي ميتة بعدم ذكر الله فيها، كما جاء في الحديث، بل ما هو حالها إذا كان ما يذكر فيها هو ألحان الشيطان من المزامير والغناء، والغيبة والبهتان والنميمة…
  

النصيحة 4 : اجعلوا بيوتكم قبلة

   والمقصود اتخاذ البيت مكانا للعبادة.
قال الله  عز وجل  : (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين) سورة يونس الآية 87.
قال ابن عباس : أمروا أن يتخذوها مساجد.
قال ابن كثير : "وكان هذا -والله أعلم- لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه، وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة كما قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) سورة البقرة الآية 153.
وهذا يبين أهمية العبادة في البيوت وخصوصا في أوقات الاستضعاف، وكذلك ما يحصل في بعض الأوضاع عندما لا يستطيع المسلمون إظهار صلاتهم أمام الكفار. ونتذكر في هذا المقام أيضا محراب مريم وهو مكان عبادتها الذي قال الله فيه : (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا) سورة آل عمران الآية 37.
وكان الصحابة  رضي الله عنهم  يحرصون على الصلاة في البيوت – في غير الفريضة – وهذه قصة معبرة في ذلك، عن محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك - وهو من أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم وهو ممن شهدوا بدرا من الأنصار- أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله! قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، وددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سأفعل – إن شاء الله - ". قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال : "أين تحب أن أصلي في بيتك؟" قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم، رواه البخاري .

 النصيحة 5 : التربية الإيمانية لأهل البيت

   عن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة " رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم : "رحم الله رجلا قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء" رواه أحمد وأبو داود.
وترغيب النساء في البيت بالصدقة مما يزيد الإيمان، وهو أمر عظيم حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله : "يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار" رواه البخاري.
ومن الأفكار المبتكرة وضع صندوق للتبرعات في البيت للفقراء والمساكين، فيكون كل ما دخل فيه ملكا للمحتاجين؛ لأنه وعاؤهم في بيت المسلم. وإذا رأى أهل البيت قدوة بينهم يصوم أيام البيض، والاثنين والخميس، وتاسوعاء، وعاشوراء، وعرفة، وكثيرا من المحرم وشعبان، فسيكون دافعا لهم على الاقتداء به.
  

النصيحة 6 : الاهتمام بالأذكار الشرعية والسنن المتعلقة بالبيوت

   ومن أمثلة ذلك :

أذكار دخول المنزل

روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال : أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال : أدركتم المبيت والعشاء" رواه الإمام احمد  ومسلم

أذكار الخروج من المنزل

روى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : "إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، فيقال له : حسبك قد هديت، وكفيت ووقيت، فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟" رواه أبو داود والترمذي.

السواك

روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دخل بيته بدأ بالسواك" رواه مسلم كتاب الطهارة.

 النصيحة 7 : مواصلة قراءة سورة البقرة في البيت لطرد الشيطان منه

   وفي هذا عدة أحاديث ومنها :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تجعلوا بيوتكم قبورا، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة" رواه مسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم، فإن الشيطان لا يدخل بيتا يقرأ فيه سورة البقرة" رواه الحاكم في المستدرك.
وعن فضل الآيتين الأخيرتين منها، وأثر تلاوتهما في البيت قال عليه الصلاة والسلام : "إن الله تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، وهو عند العرش، وأنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان" رواه الإمام أحمد و غيره.

 (غدا سينشر الجزء الثاني والاخير بحول الله)
google-playkhamsatmostaqltradent