إن كلمة نفس هي كلمة في منتهى الخطورة وقد ذكرت في القرآن الكريم في
آيات كثيرة منها قول الله تبارك وتعالى في سورة ق : (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم
ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد).
إن هناك مجموعة كثيرة من الناس تحارب عدو ضعيف جداً إسمه الشيطان وتنسى العدو الأخطر الذي تحمله وهو النفس.
والناس هنا تتساءل : نحن نؤمن بالله عز وجل ونذكره ونصلي في المسجد، ونقرأ القرآن ونتصدق... وبالرغم من ذلك فما زلنا نقع في المعاصي والذنوب!
والسبب في ذلك هو أننا تركنا العدو الحقيقي وذهبنا إلى عدو ضعيف، يقول الله تعالى في محكم تنزيله : (إن كيد الشيطان كان ضعيفا).
العدو الحقيقي للانسان
ان العدو الحقيقي للانسان هو النفس،فالنفس هي القنبلة الموقوتة
واللغم الموجود في داخل الإنسان احبتي في الله يقول الله تبارك وتعالى في سورة
الإسراء : (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا). وقال أيضا في سورة غافر
: (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب).
وقوله تبارك وتعالى في سورة المدثر : ( كل نفس بما كسبت رهينة)،
وقوله في سورة النازعات : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى)، وقال عز
من قائل في سورة التكوير : ( علمت نفس ما أحضرت).
لاحظوا يا أيها الأحبة أن الآيات السابقة ذكرها تدور كلها حول كلمة
'النفس' فما هي هذه النفس؟
ما هي النفس
يقول العلماء : أن الآلهة التي كانت تعبد من دون الله -اللات
والعزى ومناة وسواع وود ويغوث ويعوق ونسرى- كل هذه الأصنام هدمت ماعدا إله مزيف
مازال يعبد من دون الله ويعبده.
قال الله تبارك وتعالى : (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) ومعنى ذلك
أن هوى النفس إذا تمكن من الإنسان فإنه لا يصغي لشرع ولا لوازع ديني ولا لآمر ولا
لناهي ولا لداعية ولا لعالم ولا لشيخ لذلك تجده يفعل ما يريد.
لو نظرنا إلى الجرائم الفردية المذكورة في القرآن الكريم كجريمة قتل
قابيل لأخيه هابيل، وجريمة امرأة العزيز وهي الشروع في الزنا وجريمة كفر إبليس
لوجدنا أن الشيطان بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب ففي جريمة قتل قابيل
لأخيه هابيل يقول الله تبارك وتعالى : (فطوعت له نفسه قتل أخيه) عندما
تسأل إنساناً وقع في معصية ما !
وبعد ذلك ندم وتاب ما الذي دعاك لفعل هذا سوف يقول لك :
أغواني الشيطان وكلامه هذا يؤدي إلى أن كل فعل محرم ورائه شيطان فيا ترى
الشيطان عندما عصى الله من كان شيطانه؟
إنه مثلما يوسوس لك الشيطان فإن النفس أيضاً توسوس لك : ( إن
النفس لأمارة بالسوء).
سبب المعاصي
الشيطان والنفس الأمارة بالسوء هما السببان في ارتكاب المعاصي
والذنوب، فالشيطان خطير ولكن النفس أخطر منه بكثير لذا فإن مدخل الشيطان على
الإنسان هو النسيان فهو ينسيك الثواب والعقاب ومع ذلك تقع في المحظور.
قال الله عز وجل : ( وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ
لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
سوره يوسف الآية 53.