random
مقالات عشوائية :

خطبة الجمعة : توجيه الابناء وقاية لهم من كل شر


خطبة الجمعة : توجيه الابناء وقاية لهم من كل شر


   القى الأستاذ فتح الله بلحسن خطبة بمسجد الشهباء بمدينة سلا وذلك يوم الجمعة 01 جمادى الثانية 1437 الموافق ل 11 مارس 2016 بعنوان  'توجيه الابناء وقاية لهم من كل شر'، وهذا نصها:

 

   الحمد لله الخالق الرازق يرزق خلقه بغير عد ولا حصر من خزائنه التي لا يعلمها إلا هو (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) أحمده سبحانه وأشكره على نعمه الظاهرة والباطنة، وأستهديه وأستغفره من جميع الذنوب والخطايا وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له شهادة من أناب إليه وأطاع أمره واجتنب نهيه، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله وجَّه الأمة إلى النهج السديد المستقيم وأوضح مسالك النجاة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا رضي الله عنهم أجمعين.

أما بعد، فيا أمة الإسلام ويا أتباع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).

أيها المؤمنون لقد كان سلفنا الصالح نماذج عالية في السلوك الإسلامي القويم متأسين برسول الله صلى الله عليه وسلم فعاشوا أعزاء في دنياهم سادة في زمانهم بما ينشرونه من تعاليم الإسلام الداعية إلى المساواة والعدل بين سائر الناس بعيدين عن كل ما يسيء إلى الإسلام والمسلمين، إلى أن خلف من بعدهم خلف أضاعوا شعائر الله واتبعوا الشهوات، ينتسبون إلى الإسلام وهم عن تعاليمه غافلون تفتنهم فتن الزمان ومحن الأيام حتى فقدوا الصبر على الاختبارات التي تداهمهم وتدجروا من كل ما يصيبهم وأصبحوا يعترضون على خالقهم في شؤون خلقه فيتساءلون لماذا خلق هذا وكتب له الغنى وكتب الفقر للآخر، ورفع شأن أقوام ووضع أمر آخرين ألم يسمعوا قول الله تعالى : (نحن قسمنا بينهم معيشهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات)، ومن شأن كل من يخوض في مثل هذه التساؤلات أن لا يكون من عباد الله الذين يشكرون عند النعماء ويصبرون عند البلاء إذ لا يجد الصبر طريقا إلى قلوبهم فيعمدون إلى كل ما يريحهم ويرضى ميولهم، فيرتكبون كل ممنوع ومحذور ويتعاطون كل محرم يهلك الجسد ويفقد العقل مما يسبب غضب الله وسخطه وهم في هذه الحالة كالمنتحر الذي يظن بفعله هذا أنه سيخلص من العذاب ولم يدر أن هذا العمل امتداد لتعذيبه، لما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا".

وإن ما نراه قد تفشى وانتشر من تعاطي المخدرات والمسكرات بأصناف وأنواع شتى وأصناف مستجلبة من هنا وهناك ألا ترون أن الأمر قد تسرب إلى أبنائنا في معاهدهم ومدارسهم، ألا تعلمون إخواني أن الأغلبية الساحقة من أبنائنا قد يصيرون مع الزمان للإدمان على هذه الآفات سواء منها المحلية أو المستجلبة كالأقراص والحقن وغيرها، ألا تعلمون أن بعض شبابنا يقدم على هذه الأشياء بنَهَمٍ فيخترع منها الأعاجين وكلها قادورات وسم يقضي على العقل والجسد، أين ضاعت شهامة الآباء؟ ومن ينجيهم من حساب الله يوم يسألون عن تربية الأبناء وعن مدى تحملهم المسؤولية التي جعلها الله على عاتقهم، إن الأمر يتطلب تجنيد كل الطاقات والقدرات لمحاربة هذه العادات السيئة التي انتشرت في مجتمعنا وما ذلك إلا لنقوم بمسؤوليتنا كاملة ونؤدي واجبنا في توعية وتبصير الأبناء بما يضرهم ولا ينفعهم.

ومن أجل هذا يجب أن تتكاثف جهود المواطنين والمسؤولين حتى نقضي على هذه الظواهر الفاسدة والمتفشية في مجتمعنا ونستحق وصف الله لنا بأننا خير أمة أخرجت للناس لنطبق أمر الله لنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لنكون مؤمنين حق الإيمان ومسلمين صادقين ولنتمكن من قطع مراحل الحياة بخطى ثابتة لا تحولها عن الإيمان وتعاليم الدين عواصف الفتن ولا تزحزحها عن قضاء الله وقدره الشدائد والمحن ولا وسوسة الشيطان ومغرياته، ولنعلم أن من قصد الله بصدق أنجاه من مصائب الزمان وأتابه على الصبر ثوابا عظيما، قال تعالى في محكم كتابه : (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله، ومن يؤمن بالله يهد قلبه، والله بكل شيء عليم).

أيها المؤمنون :

يقول الله عز وجل في كتابه العزيز : (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون). اعلموا ان الله سبحانه وتعالى سائل يوم القيامة كل راع عما استرعاه من أمانات في الاهل والأموال والاعمال وهذا ما أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله البليغ : "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الامام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعينه، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وحسبت أنه قد قال والرجل راع في مال ابيه ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته"، رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

الا فلتعلموا رحمكم الله ما وسعكم الجهد ان تدركوا معنى هذا الحديث وتحافظوا على ما استرعاكم الله من أمانات وفي مقدمتها تربية الأبناء على الدين وعلى خلق سيد المرسلين ليتيبكم الله ويدخلكم جنته التي اعدت للمتقين.

 

 نفعني الله وإياكم بكتابه المبين وأنجاني وإياكم من فتن هذا الزمان وأجارني وإياكم من عذابه الأليم إنه سميع مجيب، (رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبث إليك وإني من المسلمين) صدق الله العظيم والحمد لله رب العالمين.

 

google-playkhamsatmostaqltradent