random
مقالات عشوائية :

خطبة الجمعة : الله يكشف الضر والبلاء ما توجه اليه العباد

الصفحة الرئيسية

خطبة الجمعة : الله يكشف الضر والبلاء ما توجه اليه العباد

     ألقى الأستاذ فتح الله بلحسن خطبة بمسجد الشهباء بمدينة سلا وذلك يوم الجمعة 03 ربيع الثاني 1439 الموافق ل 22 دجنبر 2017 بعنوان ‘الله يكشف الضر والبلاء ما توجه اليه العباد'، وهذا نصها:

  

 الحمد لله الذي يتفضل على عباده بجزيل النعم والعطايا ويكرم المومنين بالرعاية والحفظ من المحن والبلايا ما تمسكوا بمنهج الله في سائر احوالهم.

واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له البر الرحيم والقادر على نصر المؤمنين متى اعتمدوا عليه وتوجهوا اليه بخالص النوايا.

واشهد ان سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله بعثه الله برسالة الحق لقوم تغلغلت فيهم الوثنية الجهلاء التي اعمت قلوبهم وبصائرهم وعملوا كل جهد لإطفاء نور الله فما استطاعوا لان الرسول عرف قصده ومصدر دعوته فنصره ربه بعد تمسكه بأمر الله له في كتابه العزيز، بسم الله الرحمان الرحيم (يا ايها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجس فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر)، فآمن به المسلمون الاولون ونصروا دينه ودافعوا عنه بأموالهم وانفسهم رضي الله عنهم اجمعين.

أما بعد، فيا امة القرءان و يا اتباع سيدنا محمد خير الانام ان من رحمة الله بالعباد ان شرع لهم من الشرائع ما يناسب قدراتهم البشرية وطاقاتهم الجسمانية فرفع عن امة محمد ما كان شديدا على الامم التي سبقتها وذلك لأنه سبحانه يعلم ضعفهم ويريد ان يخفف عنهم، يقول الله تعالى في كتابه الحكيم: (يريد الله ان يخفف عنكم وخُلق الانسان ضعيفا) كما شرع لنا الله الدعاء الذي هو أس العبادة ومظهر لصلة العبد بالخالق كلما سدت في وجهه السبل او تطلع الى قضاء حاجة من حوائجه او تفريج كربة من كرب الدنيا فيتوجه الى ربه وخالقه رافعا يديه الى السماء وفؤاده ضارعا وقلبه خاشع وما ذلك الا امتثالا لقول الله الكريم: (ادعوني استجب لكم)، فالله سبحانه وتعالى لا يترك عبده إن توجه اليه بالدعاء فهو الذي يكشف الضر والبلاء، ويقضي حوائج العباد بدون ابطاء.

 ايها المؤمنون، اذا كانت الصلاة نوعا من الدعاء فهي التي تربط الصلة بين الله والعباد حيث تبعدهم عن كل رذيلة، يقول الله تعالى: (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) فالصلاة ترفع العبد الى مقام المناجاة لربه في خشوع العابد واخبات المنيب فيشعر اذ ذاك المسلم المومن أنه موصول بربه فلا ترهبه قوةٌ غير قوة الخالق الجبار، وهكذا كل العبادات التي شرعها الله لعباده، تعطي الانسان قوة تحفزه على الاعتزاز بصلته بربه والاعتداد بمدده وعونه، والاستعلاء عن كل الرذائل التي تدفع اليها الغفلة واتباع الهوى، ومن العجيب في هذا الزمان ان تصبح هذه الوسائل التي شرعها الله لتكون قوة روحية تُرمى بالتخلف والرجعية من طرف اناس تشبعوا بالثقافة الغربية التي ربتهم على المادة البغيضة واعمت بصائرهم عن كل ما يمت الى الروحية بصلة، فاصبحوا يعتبرون الدعاء سلاح العاجزين والصلاة مضيعة للوقت تعوق عجلة التقدم، ألا ساء ما يعملون وبئس ما يفعلون، هذا الفريق من الناس تجده مستعبدا للشهوات ضعيفا امام مغرياتها غافلا عن الله وكسب رضاه وسوف يبقى ضعيفا في كل الواجهات ما لم يتدارك الامر ويرجع الى الله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير.

وإذا ما ركب هذا التفكير رأس امة أو شعب وسيطر على افكارها فإنها ستبقى كذلك ضعيفة امام اعدائها يسومونها الخسف والهوان ويغلبونها على امرها ويسيطرون على خيراتها بطريقة من الطرق، وليعلم الجميع ان القوة الحقيقية تستمد من الطاعة والاتجاه الى الله واخلاص الدين لله، والأخذ بكل ما شرع الله وحث عليه رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا لعمري هو ربط الصلاة بالله القوي المعين ناصر المستضعفين.

أيها المومنون ان ما تعيشه الامة الاسلامية من تشتت الافكار واختلاف الآراء والامعان في تصعيد الخلافات المؤدية الى اراقة دماء المسلمين من كل جانب، فليس له من سبب الا عدم التفكير السليم ودراسة ما به انتصر المومنون في العديد من المعارك عبر تاريخهم المجيد والمبني على اتباع الكتاب والسنة ووحدة المسلمين حول كلمة سواء لا اله الا الله محمد رسول الله.

والدفاع عن حرمات الاسلام ومقدساته. ويوم تترسخ هذه الفكرة عند العرب والمسلمين فلن يتجرأ عليهم أحد مهما كانت قوته الظالمة. ولن يستطيع أحد كذلك ان يعبث بمقدسات المسلمين كما حصل بالنسبة لبيت المقدس ومحاولة تهويده بشتى الوسائل وفرض سياسة الأمر الواقع.

إن الفرصة لازالت مواتية لجمع الكلمة والصدع بالحق ما دام أكثر دول العالم يرفضون غطرسة الطغاة ويسيرون مع الحق والمشروعية.

فالوحدة ايها المسلمون لتكون الغلبة على البغاة الظالمين (ولينصرن الله من ينصره) صدق الله العظيم.

اتقوا الله عباد الله واعملوا جاهدين على ان توثقوا صلتكم بالله والعمل بطاعته وجهاد النفس في اقامة شريعته وصدق الله العظيم إذ يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا وان الله لمع المحسنين).

 

نفعني الله واياكم بهدي القرآن العظيم وسنة رسوله الكريم وهداني واياكم الصراط المستقيم وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين آمين، آمين والحمد لله رب العالمين.


google-playkhamsatmostaqltradent