تشير
الدراسات التربوية إلى أهمية تكوين وبناء الأسرة في عملية تربية الأبناء، فهي
البيئة الأولى التي تحتضن الطفل وتقوم على رعايته، وتؤثر في توجيهه وسلوكه.
حين ندخل إلى عالم أبنائنا، نحتار بأي لغة نخاطبهم،
وبأي أسلوب نعلمهم، وبأي طريقة نوصلهم إلى قمة التفوق والإبداع، فالتميز من الصفات
التي ترفع المرء وتعلي شأنه، وتجعله ناجحا في مجتمعه، فكلنا نهتم بأمور أطفالنا
ومستقبلهم. ولكن لا بد أن نهيئ لهم مفاتيح للتميز، فكيف يتم ذلك؟
تقول منى بشير وهي أم لثلاثة أطفال تعتبر السنوات
الأولى من عمر الطفل هي الأهم لأنها ترسم ملامح شخصيته المستقبلية ومهاراته،
فالأسرة مسئولة عن تنمية هذه المهارات والدفع بها نحو الاكتمال، وقد تعاملت مع
أبنائي على هذا الأساس، وعملت على تنمية مهاراتهم وتشجيعهم للوصول إلى أهدافهم .
وتبين الدراسات النفسية أن 90% من شخصية الطفل تنشأ
في السنوات السبع الأولى من عمره، حيث تتشكل عنده المفهوم الذاتي الذي فيه التقبل
والإدراك.
- تروي
لينا صالح أم لطفلة عمرها 4 سنوات يتميز الطفل في هذا العمر بحب الفضول والاكتشاف
والرغبة في تعلم أشياء كثيرة، فقد لاحظت على ابنتي حبها للألوان والرسم، وعملت على
تنمية هذه الموهبة لديها، ووفرت لها الجو الملائم لذلك .
اما الباحثون التربويون يؤكدون على أهمية
البحث عن التميز لأطفالنا والبحث عن أمور قد تكون بسيطة في نظرنا ولكنها مهمة في
نظرهم، مما يترك لهم الفرصة للبروز فيها والوصول إلى طريق التميز .ويشير الباحثون إلى ضرورة مساعدة الأبناء على تحديد
أهداف واقعية لهم والإيمان بقدراتهم على انجاز أهداف معينة، وتنمية المشاعر
الايجابية تجاه إنجازاتهم ووصفها بأحلى الصفات مثل رائع، مبدع، متميز…
- احمد العمري أب لطفلين يقول كل أسرة تحب لأبنائها الإبداع والتفوق والتميز لتفخر بهم وبإبداعاتهم، وعن نفسي أومن بقدرات أبنائي وأشجعهم دائما، وأحاول أن أكون قدوة حسنة لهم، واخصص لهم وقتا للحديث عن طموحاتهم وهواياتهم وأعطيهم الثقة والدعم اللازم لذلك.
-من جهة يقول عصام 40 عاما : يجب ألا نكتفي بالقول
أننا نحب أن يكون أبناؤنا مبدعين فالقول وحده لا يكفي، فلا بد أن نتابعهم بالبيت
والمدرسة، فالمدرسة لها دور كبير في تقوية المهارات، ويجب أن يكون هناك تواصل بين
الأهل والمدرسة .
- يقول محمد أستاذ في التعليم الأساسي : إن
للمدرسة دور فعال في إظهار مهارات الطلاب وإبرازها، فالطالب المتميز يجب أن يلقى
الدعم الكافي حتى تصل موهبته إلى أعلى درجاتها.
وللتربويين دور مهم في رعاية
الموهوبين ليس فقط عند حدود المنهج المدرسي بل تمتد إلى تسخير كافة الإمكانات
المتاحة لاستغلال ميول الموهوبين والاستفادة منها لأبعد الحدود .ووفقا لأحدث
الدراسات فقد تبين أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة
الخامسة من أعمارهم نحو 90%، وتؤكد الدراسة أن لكل طفل ميزة تميزه عن الآخرين، وان
هذا التميز ناتج عن تفاعل لا واع بين البيئة وعوامل الوراثة، وانه يجب أن لا نقارن
بين طفل وآخر وان نحترم قدراتهم ومواهبهم وفرقهم الفردية.
عن هذا تتحدث ريما 29 عاما لا يمكن أن نجبر الطفل على
التميز في مجال ليس موهوبا فيه، فلكل طفل هواية تختلف عن الآخر، فمثلا أنا لدي
طفلين هواياتهما وميولهما مختلفة، وأحاول أن لا أقارن بينهما، ولكنني أشجع كل
منهما على حدا، وأشعرهما بأن كل واحد منهما متميز في مجاله، مما يحفزهما ويخلق روح
التحدي بينهما والرغبة في التحصيل والإنجاز .
طريق التميز لأبنائنا لا بد أن
نصنعه بأيدينا، فمفاتيح التميز كثيرة وما علينا إلا الدخول إليها عن طريق تحديد أهدافهم،
والإيمان بقدراتهم وتنميتها، وان نخصص لهم الوقت الكافي للحديث عن إنجازاتهم
وطموحاتهم، وتنظيم وقتهم بين الدراسة والهواية، وإعطاءهم الحرية الكافية لتحديد
ميولهم ومتابعتها، ويتوجب على كل من الأبوين التعرف على خصائص نفسية الأبناء
والتعامل مع كل منهم بما يتلاءم وشخصيته وفكره ومراعاة فروقهم الفردية، والحوار
الدائم مع أولادنا والتواصل المستمر معهم والاستقرار الأسري والمحبة هو أساس صنع
ورعاية التميز.