random
مقالات عشوائية :

صوم الست من شوال

صيام الست من شوال

الاستاذ محمد صفوت نور الدين
    عن أبى أيوب الأنصاري رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" رواه مسلم.
هذا الحديث يدل على فضل عظيم وعطاء كريم من الله سبحانه، وعلى المسلم  أن يتعرض لهذا العطاء الوافر من الله سبحانه، ولا يحرم نفسه من ذلك.

انواع الصوم  :

1- صوم واجب 

صوم واجب بإيجاب الله تعالى، وهو معين، وهو شهر رمضان .

2- صوم الكفارات

صوم واجب بإيجاب الله تعالى مضمون في الذمة، كصيام الكفارات -كفارة اليمين لمن عجز عن الإطعام، وكفارة الجماع في نهار رمضان، وكفارة القتل الخطأ- وكصيام القضاء لمن أفطره في رمضان.

3- صوم النذر معين

صوم واجب بإيجاب الإنسان على نفسه معين، كنذر صوم يوم، أو أيام بعينها.

4- صوم  النذر غير معين

صوم واجب بإيجاب الإنسان على نفسه مضمون في الذمة غير معين، كنذر صوم يوم، أو أيام بغير تعيين.

 5- صوم التطوع

وصوم التطوع منه ما هو محدد في الأيام من العام، كصوم عرفة وعاشوراء، ومنه ما يأتي من جملة الصالحات، كالتسع الأولى من ذي الحجة لحديث : "ما من أيام العمل الصالح فيها خير من هذه الأيام العشر ..."، ومنها ما هو مطلق في الشهور المعينة، كصيام شعبان والمحرم، والصوم في الأشهر الحرم، وصوم الست من شوال، ومنها ما هو مطلق في الشهور غير معينة، كصيام ثلاثة أيام في كل شهر، وقد يخص منها الأيام البيض القمرية، ومنها صيام الاثنين والخميس. وأفضل الصيام عند الله صيام داود، كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً.

6- صوم حرام

يحرم الصوم في العيدين، ويحرم صوم الشك، وهو ليس يوم الثلاثين من شعبان إنما هو اليوم الذي يُشك فيه هل هو آخر يوم من شعبان -ثلاثين منه- أو هو يوم من أيام رمضان، لأن الهلال غُم على الناس فلم يستن لهم طلوعه من عدمه.

7- صوم مكروه

يكره الصوم في أيام التشريق -ومن العلماء من يحسبه من الصوم الحرام- ، وهى الأيام الثلاثة بعد عيد الأضحى، لأنها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى. ويكره إفراد الجمعة أو السبت بالصوم تطوعاً، إلا أن تصوم يوماً قبله، أو يوماً بعده.

صوم الست من شوال :

   فرض الله تعالى على الذين آمنوا صوم شهر رمضان، وقد شرع لنا النبي صلى الله عليه وسلم الصوم قبله في شعبان، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : 'لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله إلا قليلاً' متفق عليهوقد شرع الصوم بعده في شوال لحديث أبى أيوب : "من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" فكانت كالراتبة من نوافل الصلاة قبلها وبعدها.
ومعلوم أن أعظم النوافل أجراً : النوافل الراتبة، وهى : ركعتان قبل الصبح، وأربع قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء.

ولما كان الحديث القدسي : "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به .."، فإذا استشعر المسلم معنى "فإنه لي"، وخالط هذا المعنى شغاف قلبه، أحب الصوم، وتمنى ألا ينتهي من رمضان أبداً، ولكن كيف ينال ذلك ورمضان يبدأ بالهلال وينتهي بالهلال؟! هذا الشوق يؤهل العبد لمكافأة من الله وعطاء كبير، حيث يجعل له صوم ستة أيام من شوال تكمل له حلقة العام مع رمضان، فيصبح كمن صام العام كله، ومن كان هذا شأنه دائماً، فكأنما صام العمر كله، وذلك عطاء من الله سبحانه لمن إذا خرج من العبادة أحب العودة إليها، وعليه يمكن حمل الأجور العظيمة على الأعمال اليسيرة بعد العبادة كحديث الرسول صلى الله عليه وسلم  : "ألا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟" قالوا : بلى يا رسول الله، قال : " تسبحون، وتحمدون، وتكبرون، خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين .. ".
فمن صام رمضان، أي : أتم أيامه صياماً حتى طلع عليه هلال شوال، ثم أتبعه ستاً من شوال، أي بعد عيد الفطر، لأنه معلوم أن العيد لا يجوز صومه لا في قضاء ولا كفارة ولا تطوع.
فيبدأ الصوم من اليوم الثاني أو ما بعده إلى أن يتم صوم الأيام الستة متتابعة أو متفرقة في أول الشهر، أو في وسطه، أو في آخره، بهذا كله يكون قد تحقق له أنه  أتبعه ستاً من شوال.

حكم صوم الستة من شوال :

   قال القرطبى : 'واختلف في صيام هذه الأيام، فكرهها مالك في موطئه، خوفاً أن يلحق أهل الجهالة برمضان ما ليس منه. وقد وقع ما خافه، حتى إنه كان في بعض بلاد خراسان يقومون لسحورها على عادتهم في رمضان، وروى مطرف عن مالك أنه كان يصومها في خاصة نفسه. واستحب صيامها الشافعي، وكرهه أبو يوسف' انتهى.
ولقد استحب صيامها جمهور العلماء إلا المالكية، فكرهوا صيامها إذا اجتمعت شروط أربعة، فإن تخلف منها شرط أو أكثر لم يكره صيامها عند المالكية، وهذه الشروط هي  :
1- أن يكون الصائم ممن يقتدى به، أو يخاف عليه أن يعتقد وجوبها .
2- أن يصومها متصلة بيوم الفطر.
3- أن يصومها متتابعة.
4- أن يظهر صومها.

ست شوال تكمل صوم الدهر :

   قوله صلى الله عليه وسلم : "كان كصيام الدهر " أي : كتب له أجر من صام كل يوم فلم يفطر، ولقد أخرج الدارمى في سننه عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 'صيام شهر بعشرة أشهر، وستة أيام بعدهن بشهرين، فذلك تمام سنة" يعنى شهر رمضان، وستة أيام بعده. وذلك أن الحسنة بعشر أمثالها، وإنما يرجى ذلك لمن أنس العبادة وأحبها، وذلك فوق التضعيف الخاص بالصوم في قوله : "فإنه لي" فهو تضعيف، وزيادة فوق ذلك التضعيف وتلك الزيادة والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم : "كصيام الدهر" مع أن الأحاديث قد جاءت بالنهي عن صيام الدهر.
لكن التشبيه هنا : أن من أراد أن يحصل على ثواب صوم الدهر فعليه بصيام ستة أيام من شوال بعد رمضان، فيضاعف له الثواب حتى يجوز من الأجر كأنه لم يفطر أبداً. بل إن حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : "صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر".

فكأن من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال وصام ثلاثة أيام من كل شهر بعد، كان كمن صام دهرين في عمره، وذلك مما اختص الله سبحانه به هذه الأمة على قصر أعمارها، فإن الله سبحانه ضاعف لها أعمالها، فتسبق الأمم بذلك العطاء العظيم من الله سبحانه.

قضاء رمضان وصوم شوال : 

   ومعلوم أن القضاء فريضة، فهي على الوجوب، أما صوم شوال فنافلة ما لم ينذره العبد فيصبح عليه فريضة بنذره، والقضاء مقدم على صوم النافلة، فإن استطاع العبد القضاء في شوال، ثم صام الستة بعدها فعل ذلك، وإن خاف لو صام الستة من شوال ألا يستطيع القضاء على مرور العام حتى رمضان الذي يليه، تعين عليه القضاء في شوال دون الستة. فإن كان لا يتسع شوال عنده للستة مع القضاء، وهو يرجو أن يفرق القضاء بعد ذلك على أيام العام، جاز له صوم الستة في شوال، وتأخير القضاء إلى ما بعده ذلك، لأن وقت الستة من شوال محصور فيه، أما القضاء فوقته مُوسع على العام كله، لقوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة الآية 185، وذلك مراعاة لوظيفة الوقت المضيقة دون ما كان وقته موسعاً.

والله أعلم بالصواب.


google-playkhamsatmostaqltradent