random
مقالات عشوائية :

صلاتنا وصلاتهم

الصفحة الرئيسية
Résultat de recherche d'images pour "‫بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‬‎"
 

إن الصلاة هي عماد الدين، وعصام اليقين ورأس القربات، وغرة الطاعات عمر الله بأنوارها قلوب العباد، بفتح الباب ورفع الحجاب، ورخص للعباد في المناجاة بالصلوات كيفما تقلبت بهم الحالات في الجماعات والخلوات. العماد هي المعين الذي لا ينضب، والزاد الذي يزود القلب، العماد إنها مفتاح الكنز الذي يغني ويقني ويفيض، العماد هي الروح والندى والظلال في الهاجرة، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود، إنها زاد الطريق ومدد الروح وجلاء القلب. العماد العبادة التي تفتح القلب، وتوثق الصلة مع الرب، وتيسر الأمر، وتشرق بالنور وتفيض بالعزاء والسلوى والراحة والاطمئنان.
إن بعض الناس إذا حضرت الصلاة ذهبوا يعبثون ويلعبون، شغلتهم المباريات عن أوامر رب البريات وألهتهم الأسواق والصفق فيها عن حي على الفلاح، وجلسوا على القنوات ساهين لاهين وعلى أجهزة الحاسب الآلي والهواتف جالسين والإنترنت عاكفين. فهذه بعض نفائس من سلفنا الصالح اثناء صلاتهم :

فهذا الأعمش رغم كبر سنه يحرص على التكبيرة الأولى.
قال عنه وكيع : 'اختلفت إليه قريباً من سنتين ما رأيته يفضي ركعة. وكان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى'.


بل وصل حرص السلف على صلاة الجماعة حتى في ليلة الزواج. فقد روى الطبراني عن عنبسة بن الأزهر قال : تزوج الحارث بن حسان رضي الله عنه وكان له صحبة. فقيل له : أتخرج أي لصلاة الفجرـ ويقول : وقد بنيت بأهلك  البارحة في هذه الليلة. قال : والله إن امرأة تمنعني من صلاة الغداة لامرأة سوء.


وذكر الذهبيأن عبد العزيز بن مروان، بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها وكتب إلى صالح بن كيسان ليتعهده، وكان يلزمه الصلوات فأبطأ يوماً عن الصلاة، فقال : ما حبسك؟ قال : كانت مرجلتي تسكن شعري. فقال له : بلغ من تسكين شعرك أن تؤثره على صلاة الجماعة. فكتب صالح بن كيسان إلى والد الغلام يخبره عن خبره. فبعث رسولاً إليه فما كلمه حتى حلق شعره.

روي أن طلحة الأنصاري رضي الله عنه كان يصلي في بستانه ذات يوم ورأى طيراً يخرج من بين الشجر فتعلقت عيناه بالطائر حتى نسي كم صلى، فذهب إلى الرسول يبكي ويقول : يا رسول الله إني انشغلت بالطائر في البستان حتى نسيت كم صليت فإني أجعل هذا البستان صدقة في سبيل الله فضعه يا رسول الله حيث شئت لعل الله يغفر لي. 

وهذا أبو هريرة رضي الله عنه يقول : إن الرجل ليصلي ستين سنة ولا تقبل منه صلاة. فقيل له : كيف ذلك؟ فقال : لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا قيامها ولا خشوعها. 

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن الرجل ليشيب في الإسلام ولم يكمل لله ركعة واحدة. قيل : كيف يا أمير المؤمنين؟ قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها.


 ويقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :  أتي على الناس زمان يصلون وهم لا يصلون وإني لأتخوف أن يكون الزمان هو هذا الزمان. 

وقال الإمام الغزالي رحمه الله :  إن الرجل ليسجد السجدة يظن أنه تقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، ووالله لو وزع ذنب هذه السجدة على أهل بلدته لهلكوا. سئل كيف ذلك؟ فقال : يسجد برأسه بين يدي مولاه وهو منشغل باللهو والمعاصي والشهوات وحب الدنيا فأي سجدة هذه؟ 

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : "وجعلت قرة عيني في الصلاة" 

فبالله عليك هل صليت مرة ركعتين فكانتا قرة عينك؟ وهل اشتقت مرة أن تعود سريعا إلى البيت كي تصلي ركعتين لله؟ هل اشتقت إلى الليل كي تخلو فيه مع الله؟
وقال الصحابة : كنا نسمع لجوف النبي وهو يصلي أزيز كأزيز المرجل من البكاء؟

وقالوا : لو رأيت سفيان الثوري يصلي لقلت يموت الآن من كثرة خشوعه. 


وهذا عروة بن الزبير ابن السيدة أسماء أخت السيدة عائشة رضي الله عنهم جميعا. أصاب رجله داء الأكلة –السرطان- فقيل له : لا بد من قطع قدمك حتى لا ينتشر المرض في جسمك كله. ولهذا لا بد أن تشرب بعض الخمر حتى يغيب وعيك. فقال: أيغيب قلبي ولساني عن ذكر الله؟! والله لا أستعين بمعصية الله على طاعته. فقالوا: نسقيك المنقد –مخدر-، فقال: لا أحب أن يسلب جزء من أعضائي وأنا نائم. فقالوا: نأتي بالرجال تمسكك فقال: أنا أعينكم على نفسي. قالوا: لا تطيق! قال: دعوني أصلي فإذا وجدتموني لا أتحرك وقد سكنت جوارحي واستقرت فأنظروني حتى أسجد، فإذا سجدت فما عدت في الدنيا، فافعلوا بي ما تشاؤون. فجاء الطبيب وانتظر، فلما سجد، أتى بالمنشار فقطع قدم الرجل، ولم يصرخ بل كان يقول: لا إله إلا الله، رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، حتى أغشي عليه ولم يصرخ صرخة. فلما أفاق أتوه بقدمه فنظر إليها وقال : أقسم بالله اني لم أمش بك إلى حرام، ويعلم الله كم وقفت عليك بالليل قائما لله. فقال له أحد الصحابة : يا عروة، أبشر، جزء من جسدك سبقك إلى الجنة فقال : والله ما عزاني أحد بأفضل من هذا العزاء. 


وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما إذا دخل في الصلاة ارتعش واصفر لونه. فإذا سئل عن ذلك قال : أتدرون بين يدي من أقوم الآن؟ 


وكان أبوه علي كرم الله وجهه إذا توضأ ارتجف، فإذا سئل عن ذلك، قال : الآن أحمل الأمانة التي عرضت على السماء والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتها أنا! 


وسئل حاتم الأصم رحمه الله كيف تخشع في صلاتك؟

قال : أقوم فأكبر للصلاة، وأتخيل الكعبة أمام عيني والصراط تحت قدمي والجنة عن يميني والنار عن شمالي وملك الموت ورائي، وأن رسول الله يتأمل صلاتي وأظنها آخر صلاة، فأكبر الله بتعظيم، وأقرأ وأتدبر وأركع بخضوع وأسجد بخضوع وأجعل في صلاتي الخوف من الله والرجاء في رحمته ثم أسلم ولا أدري أقبلت أم لا؟ 


يقول سبحانه وتعالى (ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله). قال ابن مسعود رضي الله عنه : لم يكن بين إسلامنا وبين نزول هذه الآية إلا أربع سنوات، فعاتبنا الله تعالى فبكينا لقلة خشوعنا لمعاتبة الله لنا. فكنا نخرج ونعاتب بعضنا بعضا نقول : ألم تسمع قول الله تعالى : ( ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) فيسقط الرجل منا يبكي على عتاب الله لنا! 

الله أكبر بمثل هؤلاء تعمر الديار. ويفعل البر والإحسان ويدحض الشيطان. وبمثل هؤلاء يعم الخير وتكثر البركات وتعظم الخيرات. جعلنا الله وإياك من المحافظين على صلواتهم، الخاشعين فيها، المؤدين لحقها وسجودها وركوعها وقيامها وجلوسها، ورغم ذلك لن نكون إلا من المقصرين، فالله هو المعين على ذكره وشكره وحسن عبادته.



google-playkhamsatmostaqltradent