random
مقالات عشوائية :

خطبة الجمعة : من وصايا رسول الله

خطبة الجمعة : من وصايا رسول الله


    
ألقى الأستاذ فتح الله بلحسن خطبة بمسجد الشهباء بمدينة سلا وذلك يوم الجمعة 21 صفر 1439 الموافق ل 10 نونبر 2017  بعنوان  'من وصايا رسول الله'، وهذا نصها :

 

الحمد لله الذي فضل الجيل الاسلامي الأول بالصحبة وفضله بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له جعلهم امناء على السنة المطهرة فحفظوها وبلغوها احسن ما يكون التبليغ، وأشهد ان سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله لم يدع فرصة الا وعلمهم مما علمه الله وأوصاهم ان يكونوا مصابيح الانام تسير على طريق الهداية والرشاد لكل العباد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله وصحبه الذين الهمهم الله التتبع والاحاطة بكل افعال الرسول واقواله حتى ادركوا من المراتب اعلاها رضى الله عنهم اجمعين.

  أما بعد، فيا امة الاسلام ويا اتباع سيدنا محمد عليه الصلاة السلام، إنه عندما تسمو النفوس وتكبر الآمال وتصبح الحياة عامرة بالتقوى وفضائل الاعمال، تتطلع النفس البشرية الى المكارم والفضائل وتصبح العبادة محببة الى النفس والطاعة من سجايا العبد المؤمن فيرتفع عن المغريات والمغويات، ولا يبقى للمادة قيمة في نظره هكذا كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طموحا وهمة واخلاقا، فاخذوا يستزيدون من العلم كلما وجدوا الى ذلك سبيلا، فهذا ابو هريرة رضي الله عنه يتلقف كلمات عاليات من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعمل بها ويعلم من يعمل بها، روى رضي الله عنه ان رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال : "من يأخذ عني هذه الكلمات ويعمل بهن او يعلم من يعمل بهن؟ قال أبو هريرة : 'فقلت أنا يا رسول الله فاخذ بيدي فعد خمسا فقال :  "اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن الى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فان كثرة تميت القلب" رواه الترمذي.

 

عباد الله، لقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوصية الاولى ان يبرز المعنى الحقيقي للعبادة فهي ليست صورا وأشكالا ولا مظاهر وهمية لا صلة لها بالمجتمع والحياة بل هي الجلال والجمال والاستقامة على شريعة الله، فاذا اجتنبت المحارم وابتعدت عن مزالق الهوى ومكائد الشيطان وطهرت نفسك من الفحش والرذيلة فأنت العابد الزاهد وانت التقي الصالح الذي يحب الإسلام.


 كما ابرزت الوصية الثانية ان المال ليس كلَّ شيء وان الغنى الحقيقي ليس في كثرته وجمعه والاكثار من العقار وتكديس الثروات ولكن الغنى غنى النفس فالرضى بالرزق المقسوم راحة النفس وطمأنينة القلب بل هو السعادة نفسها ورحم الله القائل :

 ولست ارى السعادة جمع مال   

                 ولكن التقي هو السعيد

وإذا كان الغنى نعمة من نعم الله تعالى فهناك نعم لا يأتي الغنى جانبها فالإيمان والصحة والسلامة والعيش الآمن كلها تفوق نعمة المال والله تعالى يقول: (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها).


أما الوصية الثالثة فهي دعوة الى الاحسان والبر الى اقرب الناس الى الانسان، وان احسن الناس وأولاهم هو الجار الذي اوصى كتاب الله بالإحسان اليه وأكد عليه سيد الخلق حيث قال: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه".


والوصية الرابعة تظهر مثالية الاسلام في حب الخير لجميع الانام فليس الدين الا رحمة ولطفا وليست الاخلاق الحسنة الا انسانية ونبلا ولذلك فلا يتحقق اسلام المرء الا اذا احب الخير لجميع الناس دون تفريق بين الوانهم واجناسهم وهذا هو آداب القرآن: (وقولوا للناس حسنا) وهذا هو توجه النبوة: "لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".


وفي الوصية الخامسة دعوة إلى الخلق الجاد القويم باجتناب حياة الهزل والتحدير من الاكثار من الضحك فذلك يتنافى مع وقار المسلم لان الحياة ليست لهوا ولعبا، وليست هزلا ولا ضحكا، بل هي في نظر العاقل حياة جد وكفاح وعمل ونضال.

ايها المؤمنون هذه نصائح سيد البشر لسائر افراد الامة، وهي الاخلاق المطلوبة من كل مؤمن إذ الاتصاف بها فضيلة يسعد بها العبد المؤمن، ان تمسك بها وسار على نهجها، فانظروا اخواني الى اي حد تتمثل فينا هذه الخصال وتتجدر في مجتمعنا اننا تخلينا عنها وانشغلنا بمباهج الحياة الدنيا ومفاتنها وطغت علينا الانانية البغيضة فأنستنا واجباتنا نحو اخواننا ونحو المجتمع ونحو رسولنا ونحو ربنا فمتى نستيقظ من هذا ونرجع الى رشدنا ونتبع سنة رسولنا.

اللهم خذ بأيدينا الى كل خير واهدنا صراطك المستقيم وردنا الى كِتابك وسنة رسولك، اللهم آت انفسنا تقواها وزكها فانت خير من زكاها أنت وليها ومولاها يا ارحم الراحمين يا رب العالمين.

 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


google-playkhamsatmostaqltradent