random
مقالات عشوائية :

خطبة الجمعة : استجابة الدعاء

 

خطبة الجمعة : استجابة الدعاء


       ألقى الأستاذ فتح الله بلحسن خطبة بمسجد الشهباء بمدينة سلا وذلك يوم الجمعة 29 صفر 1437 الموافق ل 11 دجنبر 2015  بعنوان :  'استجابة الدعاء'، وهذا نصها:

 

    الحمد لله الحنان المنان مغيث العباد كلما توجهوا إليه بالطلب والسؤال فرحمته تسع كل الخلائق اناء الليل وأطراف النهار، سبحانه وتعالى ما أكرمه وهو القائل : (واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ما أعلمه، وهو القائل : (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)،  وما أرحمه بالخلق وأحلمه وهو القائل : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم).

   وأشهد أن محمدا رسول الله أمرنا أن نلح في الدعاء والطلب كلما حز بنا أمر وأهمنا، لأن ذلك أدعى إلى إبعاد اليأس والقنوط عن العباد صلى الله عليه  وعلى آله وصحبه الذين قدروا الله حق قدره وعرفوه معرفة حقيقية جعلتهم يتوجهون إليه في كل شيء ما عاشوا سعداء بإيمانهم أقوياء بربهم رضي الله عنهم أجمعين.

 أما بعد، فيا أمة القرآن ويا أتباع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ارجعوا إلى ربكم وحاسبوا أنفسكم على ما يبذر منها من التفريط وتذكروا أن مردكم إلى الله مهما طال بكم الأمد وانظروا إلى ما نحن فيه من غلاء المواد الأساسية للمعيشة وتحققوا مصدرها واطلبوا الفرج ممن تسع رحمته كل الخلائق وتوجهوا إليه بأسمائه الحسنى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وتضرعوا إليه وقولوا : 'يا من لا ينقصك نائل، ولا يشغلك سائل أنت الرحيم الوهاب اهد كل متمكن من الأقوات إيرادا وتصديرا أن يرحم إخوانه ويرأف بهم ويتق الله فيهم.

 يا من يبسط يده بالليل ليثوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليثوب مسيء الليل ثب علينا وسامحنا وعاملنا بجودك وعطفك وارحمنا بحسن الهداية إلى أقوم سبلك.  يا من ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى سماء الدنيا وينادي هل من تائب فأثوب عليه؟، هل من سائل فأعطيه؟، هل من مستغفر فأغفر له؟، نضرع إليك يا ربنا ونسألك التوبة وما يقرب إليها في قول وعمل ونتوسل إليك بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن تفرج ما بنا من غمة وضيق حال وترحمنا بغيثك المدرار يا رب العالمين'.

 أيها المؤمنون: قال بعض العارفين: إن من أنفع الأدوية الإلحاح في الدعاء، وروى ابن ماجة في سننه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من لم يسأل الله يغضب عليه". وفي حديث آخر عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك من الدعاء أحد"، وعن عائشة قالت قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله يحب الملحين في الدعاء".

 إن التوجه إلى الله بالدعاء لا بد أن يصاحبه حسن الظن في الله وفي حسن الإجابة دون استبطاء أو استعجال، وهو وحده المستعان عند الشدائد.

 عن ابن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل"، قالوا يا رسول الله كيف يستعجل؟ قال : "يقول قد دعوت لربي فلم يستجب لي".

 واعلموا إخواني أن للدعاء أوقاتا يستجاب فيها حددها بعض العلماء في أوقات ستة وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبة، وعند صعود الامام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم. ولا بد للدعاء في هذه الأوقات من أن يصادف خشوعا في القلب، وانكسارا بين يدي الرب، وذلا لله وتضرعا ورقة على أن يستقبل الداعي القبلة ويكون على طهارة ويرفع يديه إلى الله تعالى ثم يبدأ بحمد الله والثناء عليه وأن يثني بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يدعو الله ويتوسل إليه ويلح في الدعاء برغبة ورهبة سائلا ربه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقد اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التوسل إلى الله باسمه الأعظم مظنة للإجابة، وانه عند انحباس المطر يحسن الإكثار من الاستغفار قبل الدعاء.

 روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: 'اللهم أسألك باني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن لك كفؤا أحد' فقال صلى الله عليه وسلم : "لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى  وإذا دعي به أجاب".

 فاللهم إنا نسألك باسمك الأعظم المعظم يا ألله يا ألله يا ألله يا فرد يا صمد يا أحد يا حي يا قيوم أن تتداركنا بألطافك وتعمنا برحمتك وبركاتك وأن تطهر قلوبنا وتوقظ همم النفوس القانطة حتى تعلم ان لها ربا كريما وإلاها رحيما لا يتخلى عن عباده متى اتجهوا إليه بإخلاص النية والصدق والتوجه فارفعوا أكفكم إلى الله وأنتم في مقام الخشوع والهيبة وقولوا يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شؤوننا كلها ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك يا رب العالمين، يا مفرج كربة المكروبين انزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.         

       يا أحد من لا أحد له ويا سند من لا سند له انقطع الرجاء إلا منك نجنا مما نحن فيه يا رب العالمين فرج كروبنا وأصلح أحوالنا ونبهنا إلى عيوبنا لنصلحها، وتنظر إلى كل العباد بنظرة الرحمة والإشفاق حتى يزيد كلامنا من نعمه على سائر خلقه وييسر أمور الجميع حتى يتغلبوا على مصاعب هذا الزمان وينعموا بالحياة الرغيدة الطيبة آمين.    

       جعلني الله وإياكم ممن إذا توجه إلى ربه خضع وخشع وأخلص النية في كل أقواله وأفعاله، وأجارني وإياكم من مصائب هذا الزمان وفتنه وغفر لي ولكم ولسائر المؤمنين.

 اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريعا مريئا غدقا مجللا عاما، نافعا غير ضار، عاجلا غير آجل، اللهم أحي به البلاد واغث به العباد، واجعله بلاغا للحاضر والباد.

اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا هدم، ولا بلاء، ولا غرق. 

اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت، اللهم ادر لنا الضرع، وانزل علينا من بركات السماء، واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك.

    اللهم اكشف عنا البلاء، اللهم ارحم الأطفال الرضع، والبهائم الرتع، والشيوخ الركع، وارحم الخلائق أجمعين.

اللهم أرسل علينا سحابا ثقالا وانزل لنا مطرا مدرارا واخرج لنا حبا ونباتا وجنات ألفافا.

     عباد الله، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، والحوا في المسألة، وأكثروا الاستغفار، عسى ربكم أن يرحمكم، فيغيث القلوب بالرجوع إليه والبدل بإنزال الغيث عليه.

     ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


google-playkhamsatmostaqltradent