ألقى الأستاذ فتح الله بلحسن خطبة بمسجد الشهباء بمدينة سلا وذلك يوم
الجمعة 03 ذي الحجة 1438 الموافق ل 25 غشت 2017 بعنوان 'والفجر وليال عشر'،
وهذا نصها:
الحمد لله والله اكبر ما اشتاقت وفود الحجاج إلى بلوغ المنى والوصول إلى
عرفات في يوم يدركون فيه مبتغاهم وتوجههم إلى ربهم طيلة يوم الخلاص والمغفرة
واطلاع ربهم عليهم وغفران ذنوبهم فيا سعدهم ثم يا سعدهم.
الحمد لله والله أكبر ما تحركوا وقد أتموا وقوفهم ونزولهم
بمنى لإتمام ما بقي من مناسكهم وهم في فرحة غامرة بعطاء ربهم وقبوله لهم في هذه
البقاع الطاهرة، جعلنا الله ممن كتب لهم ذلك بفضله ومنه.
الحمد لله والله أكبر ما فرح الحجاج بنيل المبتغى وأداء المناسك والأركان، الحمد
لله والله أكبر ما اهتزت نفوس الحجيج شوقا لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
والسلام بعد إتمام أعمال الحج بطواف الإفاضة.
الحمد لله
والله أكبر ما قرأ الناس قول الله تعالى: (والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل
إذا يسري هل في ذلك قسم لذي حجر).
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له المقصود
المعبود المتوجه إليه بالصلاة والركوع والسجود، والتسبيح والتهليل والتحميد
والاستغفار، والتكبير والتمجيد في هذه الأيام الفاضلة المليئة بالخيرات الإلهية
والعطاءات الربانية التي يتفضل بها رب العزة، الذي يطل على أهل عرفات فيغفر لهم
ذنوبهم ويجزل اتابتهم ليرجعوا موفورين فرحين بمنة رب العالمين.
واشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله القائل:
"أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل"، اللهم صل وسلم على
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ما قرأ الناس
يوم العيد السعيد: (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر) .
أما بعد فيا أمة الإسلام ويا أتباع سيدنا محمد عليه
الصلاة والسلام فقد شرع الله للمسلمين في كل عام عيدين عيد الفطر وعيد الأضحى
وجعلهما مرتعا للخيرات بما يسبقهما من عبادات هي ركائز الدين وعماده التي ينبني
عليها. فالصيام قبل عيد الفطر واجب وقربة إلى الله ينتهي بعيد الفطر وما شرع فيه
من زكاة الفطر يقدمها المسلم تزكية لصومه. وموسم الحج الأعظم الذي يتوج بعيد
الأضحى المبارك فيتقرب فيه المسلمون إلى الله بالأضاحي التي يقدمونها تقربا إلى
الله تعالى والتي من المفروض ان يختاروها مما تتوفر فيه شروط الأضحية وفق ما أقرته
السنة المطهرة التي أرادت من المضحي أن يجعلها ثلاثا لتتحقق الغاية منها "كلوا
وتصدقوا وادخروا".
عباد الله ان على المسلمين أن يعظموا يوم العيد بلبس
الجديد من الثياب وأن يطعموا فيه الجياع والفقراء ويهدوا أقاربهم وجيرانهم، كما
تسن المصافحة وتبادل الزيارات وإفشاء السلام بين سائر المسلمين وان يتناسوا
خصوماتهم وخلافاتهم ويتزاوروا ويتسامحوا ويستحب لمن وسع الله عليه أن يطهر نعمة
الله عليه ولا يخرج وهو أشعت اغبر بل يتطهر ويتعطر، ويشكر الله ولا يتكبر ولا يصعر
خده للناس ولا يمشي في الأرض مرحا ولا تعجبه نفسه فيتبختر ويتعالى على الناس فإن
ذلك مما يغضب الرحمان، وأن يظهر نعمة الحمد للفقراء وذلك بإطعامهم والاهتمام بهم.
والفقير لا ينبغي أن لا يحزن ويضجر إذا لم يتمكن من شراء الأضحية، ويعلم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضحى بكبشين أقرنين أملحين أحدهما عن نفسه وأهله
والثاني عن فقراء أمته تيسيرا وتسهيلا حتى لا يرهقوا أنفسهم ويبيعوا أمتعتهم أو
يقترضوا لذلك قروضا ليسوا في حاجة إليها، لما تسبب من ضيق طيلة السنة لاسيما إذا
كانت ربوية فلا ينبغي أن نصل إلى السنة بالحرام (لا يكلف الله نفسا إلا
وسعها).
وان الموسرين منا مطالبون بالإنفاق في هذا اليوم
على إخوانهم الفقراء حتى يدخلوا عليهم السرور في هذا اليوم العظيم.
وليحرص الجميع على أن يملأ أيام التشريق بالتكبير
والتهليل والتحميد لقوله الله تعالى:
(واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم
عليه لمن اتقى، واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون). ولتعظيم هذه الأيام سن
التكبير دبر خمسة عشر صلاة انطلاقا من ظهر يوم العيد.
جعلني الله وإياكم من المقبولين الذين استجاب الله
لدعائهم في هذه الأيام الفاضلة التي خصها الله بالتكريم وألهمني الله وإياكم
الإنفاق في سبيل رب العالمين.
كما نسأله الله سبحانه أن يغفر ذنوبنا ويقبل معذرتنا
ويرحمنا رحمة من عنده يهدي بها قلوبنا للإيمان والإسلام وان يكتب لنا حسن
الختام، فهو على ذلك قدير وبالإجابة جدير آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.