random
مقالات عشوائية :

خطبة الجمعة : المسابقة الى اعمال الخير


خطبة الجمعة : المسابقة الى اعمال الخير

 

      ألقى الأستاذ فتح الله بلحسن خطبة بمسجد الشهباء بمدينة سلا وذلك يوم الجمعة 17 شوال 1440 الموافق ل 21 يونيو 2019  بعنوان : 'المسابقة الى اعمال الخير'، وهذا نصها :

  

الحمد لله الذي دعانا الى المسابقة إلى كل الأعمال الخيرية ورغبنا فيها حتى نستزيد من الصالحات التي يغفر الله بها الذنوب ويكفر عن السيآت ويرفع بها الدرجات، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له رحيم رحمان واسع العطايا والهبات، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله فضله الله على سائر المخلوقات بما امده به من قدرة على كل العبادات والمسارعة الى كل الفضائل والخيرات صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كان رسول الله قدوتهم في نيل كل الخيرات رضي الله عنهم أجمعين.

 

      أما بعد، يقول الله تعالى: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، وقال سبحانه في آية أخرى : (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله) وقد مدح الله انبياءه ورسله لأنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويتسابقون إلى الطاعات بكل ما يصلهم بالله خالقهم كلما سنحت لهم فرصة نيل رضى ربهم عنهم إذ كانوا سباقين إلى ذلك حتى وصلوا إلى قمة السعادة بسبقهم إلى الخيرات، مدحهم الله في كتابه العزيز بقوله: (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون).

 

   وقد كانت دعوة الأنبياء إلى أقوامهم مبنية على تحفيزهم على القيام بالواجبات والمسابقة إلى كل الفضائل والمكرمات عملا بقول الله سبحانه: (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأتيكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير).

 

وقوله سبحانه: (فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون).

 

      أيها المؤمنون: إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتشوقون الى كل ما ينزل على رسول الله من قرآن ويحفظونه ويعملون به ولما سمعوا قول الله تعالى: (سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) اجتهد كل واحد منهم ليكون من السباقين حتى يسبق غيره إلى هذه الكرامة وبلوغ هذه الدرجة العالية، كما كانوا إذا فاتهم شيء من ذلك يأسفون لفواته إذ كان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقهم إليها وهذا عكس ما نراه في دنيانا اليوم حيث التسابق على الدنيا وما فيها من مباهج ومغريات.

 

      وقد قال الحسن البصري رحمه الله: 'إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة'.

 

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه الكرام رضي الله عنهم فيقول لهم: "عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون، معهم الرهط والنبي ليس معه احد حتى رفع لي سواد عظيم فقلت ما هذا؟ أمتى هذه؟، قيل بل هذا موسى وقومه، قيل انظر إلى الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق، ثم قيل لي انظر هاهنا وهاهنا في أفاق السماء فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل هذه أمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب، فقال عكاشة بن محصن: أمنهم انا يا رسول الله، قال نعم فقام آخر فقال امنهم انا؟ قال سبقك بها عكاشة'' رواه البخاري.

 

لقد اغتنم عكاشة الفرصة وانتهزها ففاز بها وكان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل الثاني، سبقك بها عكاشة معناه لو سبقته لكان لك ما تريد وهذه دعوة من الحبيب المصطفى إلى المسارعة والمسابقة إلى الخيرات وإحياء روح المبادرة في القلوب، قلوب أصحابه وقلوب الذين يلحقون بهم من امة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا نرى ان أصحاب الهمة العالية والنفس التواقة لاقتناص الخير والمسابقة الى الدرجات العالية التي هي غاية كل مؤمن يطيع الله ورسوله.

 

وإن لنا اخواني في صروف الدهر ومسابقة الأزمان أن نكون من السعاة إلى كل الخيرات والاستزادة منها كلما سمعنا عن التوبة وما يقرب إليها لنرجع إلى الله ونكثر من أعمال الخير ونبادر بالاستغفار من كل ما يبذر منا ليقبل الله توبتنا ويجعلنا من السباقين إلى كل عمل صالح بقية عمرنا، ونستطيع المبادرة إلى كل الأعمال الخيرية التي تميزنا عن غيرنا.

 

يقول تبارك وتعالى في محكم التنزيل: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يومنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات، وأولئك من الصالحين) صدق الله العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


google-playkhamsatmostaqltradent