random
مقالات عشوائية :

العشر الأخيرة وصناعة التغيير

العشر الأخيرة  وصناعة التغيير


 قد فرح المسلمون بقدوم شهر رمضان المبارك، وحق لهم الفرح بذلك لما خصّه الله جل وعلا من الفضائل والمزايا، واليوم يستقبل المسلمون عشره الأخيرة، والتي كان يخصها الرسول صلى الله عليه وسلم بخصائص تختلف عما قبلها اجتهاداً في أنواع خاصة من الطاعات والقربات.

وها نحن قد ولجنا في دورة إيجابية، قصيرة المدة، عظيمة الآثار، مضمونة النتائج، علينا أن نستعين بالله تعالى، مستمدون العون والتوفيق منه، لنقتفي أثر النبي صلى الله عليه وسلم  في هذه العشر الأخيرة من رمضان :

1) الاجتهاد :

كان يجتهد عليه الصلاة والسلام في هذه العشر أكثر من غيرها، والاجتهاد وبذل الجهد بقدر الوسع والطاقة، ومعنى هذا أن الإنسان يبذل ما يستطيع من الأعمال البدنية والمالية في هذه العشر أكثر مما كان يعمله في حياته العادية، وعلى سبيل المثال يزيد من نوافل الصلاة، وقراءة القرآن، والأذكار، والصدقات، والإحسان، والتأمل والتفكر في الكون بما فيه من مخلوقات، والدعاء، وتقويم النفس ومحاسبتها وغيرها.


2) قيام الليل :

قالت عائشة رضي الله عنها : 'إذا دخلت العشر أحيا ليله'، وهذا تعبير دقيق ورائع، 'أحيا' من الحياة وإحياؤه هنا بالقيام وبسائر الطاعات كما سبق. فلا نميتها بالنوم أو بالسهرات وبخاصة السهرات المكروهة أو المحرمة.
 إن المسألة تحتاج إلى شيء من العزم والإرادة وأن نكسر الحاجز الوهمي الذي يطغى علينا في روتين حياتنا اليومية فلا نستطيع تغييره، إنها دعوة إلى الحياة التي تورث حياة سعيدة أبدية.

3) الزيادة في الاجتهاد :

قالت امنا عائشة رضي الله عنها : 'شد مئزره'، كناية عن بلوغ الاجتهاد غايته حتى في البعد عن المباحات ومنها إتيان أهله في هذه الليالي المباركة رغم إباحة ذلك، فهو مشغول بالتزود والإكثار مما ذكر من الأعمال.
 وهذا يعني بالنسبة لنا : أن نتخفف من أعمالنا الدنيوية –أسرية وتجارية وعلاقات– وأن نقتصر على الضروري منها، فما هي إلا أيام معدودة وتفضي بما حصلت فيها.


4) المنافسة :

تقول رضي الله عنها : 'وأيقظ أهله'، فالمسألة منافسة، والقضية ليست سهلة فلم تكن هذه العشر كما سبق من العشرين والتي يختلط فيها القيام والنوم، لكن العشر تختلف تحتاج لنشاط خاص، وليست نشاطاً فردياً، بل نشاطاً أسرياً يتعاون فيه أفراد الأسرة، لئلا يفوتهم الخير العظيم. فيسبقهم غيرهم.
 إن المؤسف أن الناس في هذه الأزمنة مستيقظون ولكنهم عن الطاعات والقربات مشغولون، وقد يكون هذا الشغل في غير المفيد.

فهل نعي ما تنتجه هذه العشرة لنا فنربي أسرنا ونشعرهم بقيمتها وعظمتها؟ ولعل مما يساعد على ذلك :

👈 إظهار الاهتمام من قبل الأبوين بهذه العشر.

👈 إعادة النظر في ترتيب جدول البيت وبالذات المشتريات والزيارات.

👈 إقامة جلسة قبيل العشر ببيان أهميتها وعظم شأنها.

👈 أن يبادر الأبوان أو الاخوة والأخوات بالتطبيق والجدية في ذلك.

👈 وضع الحوافز لمن يقوم بعمل من الأعمال المهمة كالقيام، أو قراءة القرآن الكريم ونحو ذلك.

👈 الدعاء بأن يوفق الله جل وعلا أهل البيت كلهم للعمل بهذا الهدي المبارك وغيرها من الأسباب.


5) الاعتكاف :

الاعتكاف، وهو ما لازمه عليه الصلاة والسلام في العشر الأخيرة من رمضان، ويقصد به ملازمة مسجد  للتفرغ لعبادة الله تعالى وطاعته، والبعد عن مشاغل الدنيا وتأجيلها، وفي هذا الاعتكاف من الآثار العجيبة على النفس في تصفيتها وتطهيرها، ونقائها ما لا يخطر على بال، فإذا أضفت إلى ذلك ما يجنيه المعتكف من رجاء ليلة القدر، وختام رمضان بأعظم ختام كان حرياً أن يبادر إليه كل مسلم.

وأما بالنسبة للمرأة فتأخذ نصيبها في التفرغ من المشاغل المنزلية، والأسواق، والزيارات لتلازم بيتها فتكثر من الطاعات لينعكس هذا العمل على الأسرة بكاملها.

فما أعظم هذا الدين الذي تطهر فيه قلوب الأسرة من أدرانها، فتصبح بيضاء فتستقبل عاماً آخر ترجو التقديم فيه نحو الخالق سبحانه.

أرأيتم اخواني واخواتي القراء الأحباء كيف تصنع العشرة الأخيرة بالفرد فتغير حاله إلى الأفضل والأكمل؟ وكيف تصنع بالأسرة فتصفي ما ران عليها من الأكدار.
 جدير بنا ونحن نستقبل العشر بأن نلج في دورتها المكثفة بعد عقد العزم والتصميم نحو التغيير الإيجابي في حياتنا لتثمر سعادة الدارين لنا ولأسرنا ولمجتمعنا ولأمتنا.

google-playkhamsatmostaqltradent