random
مقالات عشوائية :

علاج ضيق الصدر والأزمات النفسية

الصفحة الرئيسية

علاج ضيق الصدر والأزمات النفسية


       قال تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يومنون) سورة الانعام الآية 125. 


      إن ضيق الصدر والهموم والإحباط ونفاذ الصبر كلها أمراض خطيرة تؤدي إلى سوء المصير. ولما كان لكل داء دواء ولكل علة طريق يفضي إلى الشفاء وجب علينا البحث متلمسين طريق الخلاص من هذه الشرور التي تنغص حياتنا وتكدر عيشتنا فإذا تعرفنا على علة الداء سهل علينا القضاء عليها قبل أن تقضي علينا. 
   ولقد قضى الله أن تكون الحياة ميدانا للهموم مليئة بالآلام  والأسقام، والإنسان بين ذلك في جهد وتعب ومشقة ونصب هذا مصداقا لقول الله عز وجل : (لقد خلقنا الإنسان في كبد) سورة البلد الآية 4.
   فلا يزال الإنسان في شدائد من بدء خلقه إلى دخول رمسه فمن ظلمة الرحم وضيقه إلى مجالدة في الحياة وجهاد مرير فيها ثم يعقب ذلك الموت الذي يضع فاصلا بين معتركين : معترك الحياة الدنيا ودار الآخرة.
   وللإنسان في هذه الدنيا آمال يرجو تحقيقها ويحدوه الرجاء ويتملكه القلق لأمل ينشده ويخشى الحرمان منه أو لشر يجهده ويخاف وقوعه به وقد يضيق صدره ويستولي القلق والحزن على قلبه ويتوهم إن نزلت به أزمة نفسية يغدو بها كئيبا كاسف البال يؤوسا موزع النفس مضطرب الفؤاد ميت الروح.
وكما قال الشاعر:

     ليس من مات فاستراح بميت    إنما الميت ميت الأحياء
       إنما الميت من يعيش كئيبـا    كاسفا باله قليل الرجـاء


   والاستسلام لضيق الصدر والأزمات النفسية داء يوهن النفس ويضعف القلب ويقنط من زوال الخطب فيشتد الكرب ويدوم الكمد ويستمر النكد فيجيء الغد كالأمس في غمه وبلائه وشره وشقائه ويلازم النفس التشاؤم وينقطع الرجاء ويستعصي الخلاص وهذه جميعا بلايا لا تجلب خيرا ولا تدفع شرا ولا ترد فائتا ولا تحقق أملا وفى ذلك سوء الحال وشر المآل. وقد حذر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الداء الوبيل بقوله: (ولاتك في ضيق مما يمكرون) سورة النمل الآية 70، ووصف الله له العلاج (واصبر وما صبرك إلا بالله) سورة النحل الآية 127. فالذي يقدر الحياة ويبصر بقلب سليم لا يستسلم لذلك الداء الوبيل الذي يجعل الحياة جحيما والشقاء مقيما ويتوسل بشتى الطرق للخلاص من شره، فالمرء إذا أصيب بمرض في جسمه بادر بالعلاج فجدير به أن يشرع في علاج مرض ضيق الصدر الذي يميت النفس ويقتل الروح ومن شرح الله صدره للإسلام تيسر له العلاج وسعد بالشفاء فمن هدي الإسلام الرضا بالقضاء فقد يظن العبد الخير في شيء وهو شر ويظن الشر في شيء وفيه كل الخير. لذا كان المومن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف الذي يجزع من الحوادث وتهتز أركان عقيدته فترى المؤمن القوي إذا نزل به هم اخذ في مدافعته مستعينا بحول الله وقوته فان لم يستطع قال : قدر الله وما شاء فعل.
   والرضا فوق الصبر فقد تكره الشيء ينزل بك ولكنك تعتصم بالصبر فتنال اجر الصابرين لكن الرضا أن ترى كل ما يفعله ربك جميلا وان من أحبه مولاه ابتلاه فان صبر اجتباه فان رضي اصطفاه. فالرضا فوق كونه ثمرة الإيمان ونتيجته يشرح النفس ويريح الفؤاد ويذهب الهم فلابد من علاج النفس الثائرة وضيق الصدر القاتل بالرضا بقضاء الله وقدره والتحلي بالصبر لان بالصبر تبلغ ما تريد وبالتقوى يلين لك الحديد.

 

 العــــــلاج :
وعالج أمرك بالأناة والحكمة واحذر أن ينفذ صبرك بل اجعل هزيمتك في أمر من الأمور مطية للانتصار وانتفع من الأخطاء فتكون لك خيرة لسلوك طريق الصواب فاقتل اليأس بالأمل واحي الرجاء بالعمل وليكن الإيمان لنا زاد والثقة بالله لنا عماد ومن يؤمن بالله يهد قلبه.
ومن العلاج أيضا أن تنظر في شؤون الدنيا إلى من هو أسفل منك، وأعظم علاج أن تعلم أن الحياة  قصيرة وأيامها معدودة وأنفاسك فيها محدودة فلماذا نقضي هذه الحياة القصيرة في عناء وبلاء وغم وشقاء انك عما قريب راحل عنها تبني مالا تقيم فيه وتجمع مالا تأكله فلا تحمل نفسك من الهموم وضيق الصدر ما ينغص عيشك ويذهب انسك فانك عن قريب موسد التراب.

 

    يا ابن آدم لو رأيت يسير ما تبقى من أجلك لزهدت في طويل ما ترجو من املك ولرغبت في الزيادة من عملك ولقصرت من حرصك وحيلك وإنما يلقاك غدا ندمك لو قد زلت بك قدمك وأسلمك اهلك وحشمك وتبرأ منك القريب وانصرف عنك الحبيب.
فيامن ضاق صدره بأمر من أمور الدنيا تذكر الموت وسكرته والقبر وظلمته والحساب وشدته والصراط وحدته والنار وجحيمها والجنة ونعيمها يهن لديك كل شيء.


google-playkhamsatmostaqltradent