بعضنا يجهل هويته ولا يعلم من هو؟ هل هو صادق
أم كاذب؟ طيب أم شرير؟ مؤمن أم منافق؟ والإجابة بسيطة جداً! عليك أولاً أن تنظف
العالق فوق السطح لتعرف ما هو في العمق!
من أنا؟! أنا إنسان حباني الله تعالى بكل
الإمكانيات والقدرات التي أستطيع أن أتعرف بها على طريقي، وفطرتي سليمة 100%، وكل
منا يعرف الخير والشر، وبيدي أنا الإنسان أن اتجه لهذا الإتجاه أو ذاك الإتجاه
فكلاهما في يدي، وأنا المسيطر على كافة المعاملات الإنسانية التي تجري من خلالي.
من أنا؟!أنا
إنسان أدرك أن الخير أمامي والشر أمامي وعلي أن أختار طريقي وأنا المسئول على
النتائج المترتبة على كل معاملاتي على إختلاف أنواعها مع الحياة وسأحاسب من نفسي
وسأحاسب من المجتمع وأمام الله تعالى، لذا لا مفر أمامي إلا أن أكون إنسانا! فإذا أصبت، أستمر في الطريق الصحيح ولا أحيد عنه مهما كانت
الظروف والضغوط. وإذا أخطأت، أرجع بسرعة
وأعمل على تصحيح الأخطاء وتلافيها في المستقبل. فأنا أعلم أنني إنسان قد
أصيب وقد أخطىء وهذا لا ينقص من قدري شيئاً، إلا ان لبست لباس العناد وهو سيد
الخطايا كلها وأصررت أنني مصيب .والآن
لتعرف كيف تستطيع أن تكسب احترامك لنفسك،
عليك أن تعمل عليها وتروضها وتصلحها من خلال اتباع هذه الإرشادات :
1- احترام الآخرين يؤدي لاحترام نفسك
فلا يعقل أن أحترم نفسي وأنا أتكلم مع فلان وكأنني أحبه وأحب له الخير ومن
ورائه أدس له وأشوه صورته وسمعته، وأتدخل في حياته وخصوصيته دون اذنه وبما لا يليق.
فكيف أحترم نفسي؟! احترم الآخرين وحياتهم وخصوصياتهم حتى لا تشعر بتأنيب
الضمير تجاههم وبالتالي تشعر بصغرك، وبعدم احترامك لنفسك فكما تزرع تحصد، وكما
تدين تدان، وانشغل بالله عن خلق الله.
2- لا
تثبت نفسك لأحد
فان إثبات النفس إضعاف لها ولجوهرها، كن صادقاً في كل
معاملاتك بصرف النظر عن آراء الآخرين، فأنت تستطيع أن ترضي نفسك ولكن من الصعب
مهما حاولت أن ترضي جميع الناس. فكن نفسك وأصنع من حياتك معزوفة متقنة الأداء
وفقاً لرؤيتك وشخصيتك لا وفقاً لآراء الآخرين واحتياجاتهم منك، فمن لا يتقبلك بما
أنت عليه فعليه أن يتقبلك من الآن فلن يجد سواك، أما الصورة التي يرسمها الآخرين
لك فهي لا تلزمك ولا تخصك فهم أحرار بما يصنعوه بأفكارهم وخيالاتهم، وأنت حر لأنك
أنت أنت.
3- كن
خلوقاً ودوداً
أخلاقك هي جواز سفرك لاحترام نفسك، فالإنسان بلا أخلاق لا
إنسان، يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم
الأخلاق" فهل خلقك الإسلام وهل أنت على طريق نبيك صلى الله عليه وسلم؟
4- لا
تنتقد ولا تلم ولا تحقر
أظنك تعلم قصة خلق سيدنا آدم عليه السلام وكيف
أن الشيطان حقر من كونه خلق من طين والشيطان نعوذ بالله منه
خلق من نار. فكيف كان جزاءه؟ لا
تنتقد فتُنتقد، ولا تلم فتجد من يلومك، ولا تحقر من شأن غيرك فتجد من يحقر من
شأنك، وقد يعاقبك الله تعالى ويجعلك تحقر من شأن نفسك بالداخل والله شديد العقاب.
يقول تعالى في محكم كتابه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ
مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء
عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا
تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن
لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات الآية.
5- حقق أهدافك أولا
لا تدخل كلية معينة لترضي العائلة، ولا تتزوج
فلانة لأن المصلحة تقتضي ذلك، ولا تلتحق بوظيفة أو منصب ما لأن والدك كان يحلم
طوال عمره بهذا المنصب .تعرف
على أهدافك أنت في الحياة وحقق ما تريده لحياتك لا ما يريده الآخرين منك. لا تعش في عباءة غيرك، احترم نفسك واصنع مستقبلك بفكرك وجهدك وطموحك
أنت.
6- انس
الماضي وابدأ من جديد
انفض الأفكار والمعتقدات السلبية التي شغلت بها نفسك طوال
حياتك وابدأ صفحة جديدة مع نفسك صفحة تقدير واحترام واستحقاق لبداية جديدة نظيفة،
ارفض هذا الشخص القديم وابدأ من خلال جوهرك الداخلي -فطرتك السليمة- وابدأ على
بركة الله واستعن به ولا تعجز، استعن بالقوى لنصرتك وكن صادقاً في البداية الجديدة
ليوفقك الله تعالى في هذا المشوار واستغفره عن كل الخطايا والذنوب. ولا ترجع للسطح
ثانية إلا ومعك الإنسان الجديد. وستسألني من هو؟ سأجيبك هو أنت !أليست
الإجابة أبسط مما تتصور كن أنت، وانفض عنك كل أخطاء السنين فأنت تستحق أن تكرم هذا
الشخص -الذي هو انت- الذي ظلمته لسنين طويلة، انه يستحق هذا العناء. وإليك طريقتان لتنظيف الماضي لتبدأ من جديد :
الطريقة الأولى : التحدث الحر
التحدث الحر التحدث الحر، إنه يشبه عملية التداعي الحر، لكنه أكثر فعالية .هي
طريقة قد يستحي البعض من فعلها، لكن لو علم فوائدها لما جعل للخجل طريقا في كيانه .الطريقة
هي كالتالي : تخصص في اليوم نصف ساعة تترك فيها كل مشاغلك
وأعمالك تدخل في غرفة تحس بها بالراحة النفسية، تقفل الباب بحيث تنفرد مع نفسك، لا
أحد يزعجك اجلس
وتخيل أن شخصا مثلك بالتمام والكمال يجالسك، ابدأ موجها الكلام نحوه متحدثا عن نفسك ابدأ
بالكلام عن أكثر شيء يزعجك طوال حياتك، من
الشخص الذي تشعر أنه يسيطر عليك، وتود أن تنهي سيطرته، ما هي أكثر الأحداث التي
تؤلمك في حياتك، تكلم وفضفض. لا تجعل أية مبادئ أو أخلاق تتحكم في كلامك، تكلم بكل
حرية، لا يهم إن انفعلت وبدأت بالسباب والصراخ فهذه هي أهم أجزاء التمرين إنه
المشاعر المكبوتة تخرج. وتجذب معها سلبياتها على شكل سباب أو صراخ أو تعبير بجمل
منفعلة .جميل
لو تكون بجانبك كرة تقذفها بقوة على الجدران أثناء نوبات الغضب الناتجة عن الفضفضة،
إنها تحسسك بالراحة أكثر (هذه أمثلة على ما يفعله الممارسون لهذه العلاجات، القصد
من ذلك لا تجعل أي شيء يمنعك من التعبير،
افعل ما بدا لك…) تكلم
وتكلم وعبر حتى
تحس بأن مستوى الانفعال قد خف والكلام بدأ يصعب بناؤه، هنا تحس بالفعل أنك مرتاح
أكثر من أول، تقوم بهذا التمرين وتواصل عليه لمدة أسبوعين على الأقل، سوف تخرج من
الغرفة وأنت شخص آخر، شخص مختلف لأنك تخلصت من هموم جاثمة على نفسيتك من سنين .
الطريقة الثانية:
الكتابة الحرة
الكتابة الحرة، إنها نفس الفكرة لكنك تستبدل التكلم في
التعبير بالكتابة على الورق. قد يكون للأطباء النفسيين أساليب مختلفة في كيفية
كتابة مرضاهم قد يعطونهم قائمة من الأسئلة
تتعلق بحياتهم، ويحللون أجوبتهم، لكن نحن نستخدم الطريقة العامة، التي تقوم بمبدأ
جلب المخفي عبر سحب الظاهر، أي كلما كتبنا أكثر وعبرنا أكثر بادئين بما نتذكره، كلما أخرجنا من الأعماق
ذكريات وأحاسيس مجهولة ومنسية، مربوطة مع بعضها البعض .طريقة
الكتابة لا تعتمد لا على أدب ولا على ثقافة ولا على أخلاق، تمسك القلم بخفة أي لا تضغط على
القلم بقوة ولا تكن متوترا، تكتب ما بدا لك، أخرج من أعماقك بادئا من أكثر شيء
يزعجك في حياتك، سواء كان ذلك شخصا أو مسؤولا أو موقفا أو حتى صفة في نفسك، المهم لا
تجعل أي شيء يقف أمام تعبيرك، اكتب ما بدا لك . اكتب مثلا عن نواياك الطيبة أو السيئة التي مرت عليك طوال حياتك، هل
تحققت أم لا، اكتب عن مواقف شعرت فيها أنك خائف وجبان، اكتب عن شخص
تكرهه ومتعقد منه، اكتب شعورك الحقيقي تجاه، وحاول أن تجد حقيقة كرهك له ما هو
مصدره وهكذا كل
يوم مع الكتابة المتجددة، تجد المواضيع
تكثر والتعبير يكثر ويزيد، وهكذا حتى تكمل أسبوعين هي مدة علاج السطح واكتشاف روعة
الجوهر. بالنسبة للشخص العادي
يكفيه أداء هذا التمرين أو الذي قبله مرة كل سنة.
أخي الكريم أختي الكريمة، لا يكفى أن نرغب في
احترام أنفسنا بل يجب أن نقوم بما يدل على احترامنا لأنفسنا وذواتنا، كن إنساناً،
كن نفسك، وافعل ما يدل على ذلك.
.