إلى كل من خنقته سحب الديون، إلى من أفزعته
أحلام الهموم، إلى من جثت على قلبه كوابيس الغموم، إلى من استوى عنده الليل
والنهار، إلى من تشابهت عنده الظلم والأنوار، إلى من اسودت في عينه الأسفار حتى
عادت كالظلام، إلى من أصبح يتوارى من الغرماء، ويشتكي من شدة الداء هذا نبيك صلى
الله عليه وسلم يصف لك الدواء، لتعيش كما يعيش الأسوياء.
الأمر سهل وأنت تستصعبه، الدواء قريب وأنت تستبعده، عجبت لمن تحته النهر الزلال ثم
هو يشتكي من الظمأ!، عجبت لمن يعيش في بستان مليء بالفواكه والثمار ثم هو يشتكي
الجوع!، عجبت لمن لديه أسباب الشفاء ثم يشتكي من أمراض الشقاء.
ولئن كان الدين هموم بالليل وذل بالنهار فإن له دواء، هو له جلاء. وصفه خير
البشرية، ورسول رب البرية ... ولكن عليك بالصبر عند لزومه، وعدم التعجل
لحلوله، فإن الداء مستفحل، والجرح متحجر، فعليك أن تتذلل لربك وتستكن، وتدعوه بقلب
مخلص متيقن. فلا تنتظر يوما أو أسبوعا، ولا شهرا أو شهرين فالأمر قد يأتي في أقل
من ذلك وقد يكون أكثر، فاصبر وتصبر... واعلم أن مدمن القرع للأبواب سوف يلج.
أخي الكريم وحتى لا أطيل أسوق لك ما هو كفيل بإذن الله أن يعينك على قضاء دينك،
ويقشع عنك سحابة همومك، ويجلب لك الرزق من حيث لاتحتسب، وعليك التطبيق والعمل وكن
منتظر النتيجة بتيقن وإيمان وإن طال الزمان :
1- أحسن نيتك عند اقتراض المال فإن صاحب النية الحسنة يعان على أداء
دينه، وصاحب النية السيئة يبور المال في يده، وتبقى عليه تبعات دينه فقد جاء في
صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن اخذها يريد إتلافها
أتلفه الله".
2- عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ :
"ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك، قل يا
معاذ اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل
من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطيهما من
تشاء وتمنع منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك" رواه
المنذري وقال إسناده جيد.
3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم
ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال له : "يا أبا
أمامة مالي أراك في المسجد في غير وقت الصلاة" قال : هموم لزمتني وديون يا
رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم : "ألا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب
الله عز وجل همك، وقضى دينك"، قلت : بلى يا رسول الله، قال : "قل اللهم
إني أعوذ بك من الهمِّ والحَزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجُبْن
والبخل، وأعوذ بك من غَلَبَةِ الدين وقهر الرجال"، قال : ففعلت ذلك فأذهب
الله عز وجل همي وقضى عني ديني.
4- في سنن الترمذي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسل : "دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن
الحوت -لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين- لا يدعُ بها رجل مسلم في شيء
إلا استجيب له". حسن إسناده ابن حجر والشوكاني.
وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم : "إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب
إلا فرَّج الله عنه، كلمة أخي يونس"، يعني قول : 'لا إله إلا أنت سبحانك إني
كنت من الظالمين'. فعليك أخي أن تردد هذا الدعاء ثلاثاً مستشعراً عظمة من تدعوه،
موقناً بفقرك وضعفك وحاجتك إليه، محسناً فيه الظن، ثم ادع بعد ذلك وسوف ترى
النتائج ولو بعد حين.
وإني لأدعو الله حتى كأنما
أرى بجميل الظن ما الله صانع
5- وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجا ومن كل
ضيق مخرجا ورزقه الله من حيث لا يحتسب"، وإن كان هذا الحديث فيه ضعف فلا بأس
به في فضائل الأعمال لورود أحاديث كثيرة في فضل الاستغفار ويشهد له آيات كثيرة من
كتاب الله وكفى بكتاب الله شاهدا.
6- وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى
الصلاة.
ولكن أخي الحبيب ينبغي أن تتبع ما يلي حتى تؤتي
هذه الأذكار ثمارها :
أ) عند ذكر هذه الأدعية عليك المحافظة عليها والاستمرار في ذلك. وقد
تحتاج إلى بعض الوقت.
ب) يجب ولا بد أن تقولها وأنت موقن بصدقها لأنها أخبرنا بها الصادق
المصدوق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإياك أن تقول سوف أفعله وأجرب، فإن هذا قدح
في العقيدة فمن لوزام الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم تصديقه فيما أخبر عليه
الصلاة والسلام، وثانياً أنك بهذا لن تحصل على أي ثمرة من هذه الأحاديث المباركة.
ج) لا تستعجل في تفريج همك، أو قضاء دينك فإن الأمور تنال بالأناة.
فإن تأخر ما ترجوه فلله سبحانه حكمة في ذلك. وإن أتاك أقرب مما ترجوه فهو الكريم
ذو الفضل العظيم.
د) احذر من ثلاثة أمور فإنها من أكبر موانع إجابة الدعاء :
- أكل
الحرام .
- ظلم الناس.
- الإخلال بالصلوات وخصوصاً صلاة العصر والفجر.