random
مقالات عشوائية :

زهرات لكل انثى (الجزء الأول)

الصفحة الرئيسية
زهرات لكل انثى (الجزء الأول)




  

بقلم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله المقبل
  اختي المسلمة
امرأة صالحة تقية تحب الخير ولا تفتر عن ذكر الله، لا تسمح لكلمة نابية أن تخرج من فمها. إذا ذكرت النار خافت وفزعت ورفعت أكف الضراعة إلى الله طالبة الوقاية منها وإذا ذكرت الجنة شهقت رغبة فيها ومدت يديها بالدعاء والابتهال إلى الله أن يجعلها من أهلها. تحب الناس ويحبونها وتألفهم ويألفونها وفجأة تشعر بألم شديد في الفخذ وتسارع إلى الدهون والكمادات ولكن الألم يزداد شدة وبعد رحلة في مستشفيات كثيرة ولدى عدد من الأطباء سافر بها زوجها إلى لندن وهناك وفي مستشفى فخم وبعد تحليلات دقيقة يكتشف الأطباء أن هناك تعفنًا في الدم ويبحثون عن مصدره فإذا هو موضع الألم في الفخذ ويقرر الأطباء أن المرأة تعاني من سرطان في الفخذ هو مبعث الألم ومصدر العفن. وينتهي تقريرهم إلى ضرورة الإسراع ببتر رجل المرأة من أعلى الفخذ حتى لا تتسع رقعة المرض.


وفي غرفة العملية كانت المرأة ممددة مستسلمة لقضاء الله وقدره ولكن لسانها لم ينقطع عن ذكر الله وصدق اللجوء والتضرع إليه. ويحضر جمع من الأطباء فعملية البتر عملية كبيرة. ويوضع الموس في المقص وتدنى المرأة ويحدد بدقة موضع البتر. وبدقة متناهية ووسط وجل شديد ورهبة عميقة يوصل التيار الكهربائي وما يكاد المقص يتحرك حتى ينكسر الموس وسط دهشة الجميع وتعاد العملية بوضع موس جديد وتتكرر الصورة نفسها وينكسر الموس وما يكاد الموس ينكسر للمرة الثالثة – لأول مرة في عمليات البتر التي أجريت من خلاله – حتى ارتسمت علامات حيرة شديدة على وجوه الأطباء الذين راحوا يتبادلون النظرات. اعتزل كبير الأطباء بهم جانبًا وبعد مشاورات سريعة قرر الأطباء إجراء جراحة للفخذ التي يزمعون بترها ويا لشدة الدهشة ما كاد المشرط يطل وسط أحشاء الفخذ حتى رأى الأطباء بأم أعينهم قطنًا متعفنًا بصورة كريهة وبعد عملية يسيرة نظف فيها الأطباء المكان وعقموه. صحت المرأة وقد زالت الآلام بشكل نهائي حتى لم يبق له أثر. نظرت فوجدت رجلها لم تمس بأذى ووجدت زوجها يحادث الأطباء الذين لم تغادر الدهشة وجوههم فراحوا يسألون زوجها هل حدث أجرت المرأة عملية جراحية في فخذها؟ لقد عرف الأطباء من زوج المرأة أن حادثًا مروريًا تعرضا له قبل فترة طويلة كانت المرأة قد جرحت جرحًا بالغًا في ذلك الموضع، وقال الأطباء بلسان واحد إنها العناية الإلهية. وكم كانت فرحة المرأة وكابوس الخطر ينجلي وهي تستشعر أنها لن تمشي إلا برجل واحدة كما كان يؤرقها. فراحت تلهج بالحمد والثناء على الله الذي كانت تستشعر قربه منها ولطفه بها ورحمته لها.


أختي المسلمة :
قصة هذه المرأة نموذج من نماذج لا حصر لها من أولياء الله الذين التزموا أمره وآثروا رضاه على رضى غيره وملأت محبته قلوبهم فراحوا يلهجون بذكره لا يفترون عنه حتى أصبح ذكر الله نشيدًا عذبًا لا تمل ألسنتهم من ترديده بل تجد فيه الحلاوة واللذة، وهؤلاء يقبلون على أوامر الله بشوق ويمتثلون أحكامه بحب والله سبحانه وتعالى لا يتخلى عن هؤلاء بل يمدهم بقوته ويساعدهم بحوله ويمنعهم بعزته وبعد ذلك يمنحهم رضاه ويحلهم جنته.


أختي المسلمة : 
الإنسان في هذه الحياة يغتر بقوته العارضة وماله الزائل فينتفش ويشعر أنه أقوى الناس سلطانًا وأجرؤهم لسانًا وأمضاهم يدًا وأوضحهم حجة وأكثرهم ناصرًا وأقلهم احتياجًا وما إن تهب رياح الزمان فتصيبه مصيبة -ربما كانت لسهولتها- في آخر قاموس المصائب حتى يزول السلطان ويذهب الجاه ويبدو كطفل صغير يبحث عن أبيه يلتمس مساعدة الناس ويبالغ في عرض مأساته طلبًا لرحمتهم.
إن الإنسان بدون الركوع إلى الله والتعلق به والالتجاء إليه يصبح حيوانًا يتبع غرائزه ويعشق ذاته ويدور حول منفعته عكس المسلم الصادق الذي ينطلق من تعاليم دينه فيحب للناس الخير ويكره لهم الشر ويشمر ساعديه في مساعدة بائسهم ويكشف عن ساقيه للإسراع بقضاء حاجات ملهوفهم.


أختي المسلمة
من أهم ما يتميز به المسلم والمسلمة اللذان تعلق قلبهما بالله وطبقا في حياتهما شرعه وامتثلا أمره تلك الراحة النفسية والاطمئنان القلبي فلا تراهما إلا مبتسمين حتى في أحلك الظروف وأقسى الحالات فهما يدركان أن ما أصابهما لم يكن ليخطئهما وأن ما أخطأهما لم يكن ليصيبهما فلا يتحسران لفوت محبوب ولا يتجهمان لحلو مكروه فربما كان وراء المحبوب مكروهًا ووراء المكروه محبوبًا (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) لا تغرهما زخارف الدنيا وإن كانا لا يتركان نصيبهما منها (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) لمعرفتهما أن الدنيا بقصر عمرها وامتلائها بالغصص والنكد لا تستحق أن يغضب الإنسان من أجلها ولا أن يتحسر لفوت شيء منها فهي لا تساوي شيئًا مع الآخرة دار القرار حيث النعيم الأبدي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر للمؤمنين الصادقين.


أختي المسلمة
لو صفت الدنيا من الأكدار وخلت من المصائب – وذاك محال – فإن مجرد تذكر الموت يجعل حلوها مرًا وكثيرها قليلاً وطويلها قصيرًا وصفوها كدرًا، هذا لو ضمن الإنسان لنفسه عمرًا طويلاً فكيف وهو إذا أصبح خشي ألا يمسي وإذا أمسى خشي ألا يصبح وإذا انقشعت سحابة مصيبة أقبلت أخرى، يروعه فقد الأقربين وموت الأصدقاء وعندما يحس بألم عارض في عضو من أعضائه أو يخيل إليه زيادة في خفقان قلبه أو يحس بقلة شهية للطعام يرتسم شبح الموت أمام ناظريه فإذا هو يفزع ويخاف فيزداد مرضًا وتخيم عليه الوحشة وكأن ذلك الخوف مانع من نزول الموت أو مبعد له.
يا لضعف الإنسان، ما أحقره وأقل شأنه. تراه شابًا مكتمل الحيوية والنضارة والنشاط ممتلئ الجسم فلا يلبث العمر أن يطوح به إلى خريفه فإذا هو محدوب الظهر متغضن الوجه يتعبه أدنى جهد ويهده أقل عمل.
وتراه غنيًا يسكن القصر الشامخ ويركب السيارة الفارهة ويجلس على الفراش الوثير ثم تنقلب به الأيام فإذا هو يسكن ما كان يأنف من سكناه ويركب ما كان يزدري ركوبه ويلبس ما كان يستخشن لبسه ويأكل ما كان يخاف أكله.
إن لذة الحياة وجمالها وقمة السعادة وكمالها لا تكون إلا في طاعة الله التي لا تكلف الإنسان شيئًا سوى الاستقامة على أمر الله وسلوك طريقه ليسير الإنسان في الحياة مطمئن الضمير مرتاح البال هادئ النفس دائم البِشر طلق المحيا يعفو عمن ظلمه ويغفر زلة من أساء إليه يرحم الصغير ويوقر الكبير. يحب قضاء حاجات الناس ويكون في خدمتهم ويتحمل أذاهم ثم هو لا يفرط في صغير ولا كبير من أمر الله بل يحرص على كل عمل يقربه إليه ويدنيه منه فإذا نزلت به المصائب تلقاها بصبر ورضا وإذا جاء الموت رأى فيه خلاصًا من نكد الدنيا ورحلة إلى دار الخلود.


أختي المسلمة : 
في هذه الصفحات مجموعة إرشادات، وثلة توجيهات عندما تطبقينها في واقع حياتك وتحرصين على التشبث بها وتندمين على فواتها ستنقلب حياتك من شقاء إلى رحلة ومن تعاسة إلى سعادة بل ستحسين للحياة طعمًا آخر وتنظرين لها نظرة أخرى وقد دفعني إلى كتابتها حب الخير وابتغاء الأجر والرغبة في الإصلاح فإلى تلك الأزاهير وفقك الله.
سننشر هذه الأزاهير من التوجيهات والارشادات غدا (الجزء الثاني) ان شاء الله، والذي يعتبر تكملة لهذا الموضوع الذي بين يديك.



google-playkhamsatmostaqltradent