إن قوانين الأبوة الشائعة هذه الأيام فرضية، الكل
يفترض بأن طريقته هي الأفضل وقد حرم الآباء على مر العصور من الشعور بمشاعر الأبوة
الصادقة، وافترض الجميع بأن الأب لا يصلح إلا للعمل والإنفاق على العائلة، دون
مراعاة لمشاعره كأب اتجاه أطفاله.
ولكن اليوم تستطيع كأب أن تعترف بأن
هذا خطأ كبير اقترفه الجميع في حقك، أنت قادر، ومجهز، ومستعد للعناية بأطفالك
تماما والأفضل من كل ذلك، ستستمع بمشاعر الأبوة الصادقة والحقيقية لأول
مرة. ولا مفر لكل أب من هذه الخطوات التالية لكي يكون أفضل أب على الإطلاق :
1- كن كبيرا :
كن كبيرا في روحك، وسعة صدرك، واعتزازك بنفسك.
كن قدوة لأطفالك، العديد من الأبناء الذكور ينظرون لآبائهم بفخر كبير، تعلم كيف
تربى ذلك في أبنائك. لا تجعلهم يرونك ضعيفا، مهزوزا، دون قيمة أو احترام للذات. علمهم
على الأقل مهارة واحدة تستطيع القيام بها، مثل الصيد، ركوب الخيل، السباحة،
القراءة بشغف، حب عمل الخير، لا تقتصر المهارة على هواية أو حرفة يدوية، بل هناك
مهارات التخاطب، التعاون، الإقناع.
2- كن صغيرا :
نعم، كن صغيرا، بالرغم من أن هذا يتناقض مع ما قلناه سابقا، إلا أننا نقصد هنا،
عدم الكبر، أو التعالي المفرط على الآخرين. امنح أطفالك الفرصة ليجلسوا قربك وحولك
وحتى على حضنك، لا تجعلهم يرونك كبيرا جدا كالعملاق، لأنك عندها ستكون بعيدا جدا
عنهم أيضا. استغل أي وقت فراغ لديك واجلس مع أبنائك، اتركهم يتحدثون واستمع لهم.
الأطفال من حين لآخر يمرون بتجارب شخصية بسيطة أحيانا على نطاق حياتهم العامة،
استمع لطريقة تفكيرهم، كيف يحلون المشاكل، كيف ينظرون للآخرين؟ علمهم بأن الإنسان
العظيم كبير في خلقه، صغير في تواضعه. عندها فقط ستشعر كم أنت أب عظيم.
3- لا تهجر البيت :
أنت بحاجة للعمل لتبقى هذه العائلة في مستوى معيشي محترم. ولكن العديد من الآباء
ينسون أنفسهم في العمل. توقف وفكر جيدا، إذا كان مرتبك أو دخلك الشهري كاف لدفع
الفواتير، والمصاريف فلماذا ترهق نفسك بالعمل الإضافي. خصص وقتا للعمل، ووقتا
للعائلة، ووقتا لك. عندما ينتهي الدوام المفروض أن تعود إلى المنزل، تتناول طعامك،
تأخذ قيلولة، تلعب وتتحدث مع الأطفال، ثم تخرج مع ابنائك، أو زوجتك لمناسبات
إجتماعية أو لمجرد التنزه. لا تهرب من منزلك، لأنك ستعود يوما متعبا فلن تجد لك
مكانا فيه.
4- احترم والديك :
هذه ليست نصيحة فقط بل وصية، كل الكتب السماوية توصي بها، احترم والديك، قم
بزيارتهما، وخذ أطفالك ليلعبوا معهم، لا تتحجج بالعمل والواجبات الأخرى عندما يكبر
الآباء يصبحوا أكثر حساسية، وعاطفية، وأقل تقصير في حقهم يشعرهم بالاهمال. وهذا
ينطبق على والديك، ووالدي زوجتك أيضا، فهما أيضا جدا أطفالك ولهما الحق في اللعب
معهم ولزوجتك الحق في بر والديها أيضا. غدا عندما يكبر أطفالك ذكورا وإناثا ويتزوجوا
سيتذكرون هذه اللفتات الكريمة، ويبروك وزوجتك ويعاملاكما بالمثل.
5- لا للقوانين الصارمة :
تمهل أيها الأب، لا تضع قوانين قاسية وصارمة. فقط لأن والدك عاملك بقسوة، وكنت
تشعر بأنك مظلوم، لا يعني بأن تستمر في قسوته. لأن أطفالك سيشعروا بالظلم أيضا
منك. كن أبا مختلفا، كن أبا يتفهم أبنائه، ضع نظاما جديدا مبنيا على التخاطب
والتواصل والوصول إلى مقايضات جيدة. السلطة الأبوية والقوة أمران مختلفان.
السلطات تصدر قوانين تناسب الجميع، ولا تتعارض مع حرياتهم، أما القوة فتصدر أوامر
ديكتاتورية. ومن منا يحب أن يحكمه ديكتاتور!
6- وفر من مالك :
كلنا نعرف المثل القائل وفر درهمك الأبيض ليومك الأسود، وفي الحقيقة، الأطفال
ومصاريفهم المتزايدة يمكن أن يفلسوا اكبر مصرف في العالم. لذا انتبه لما تنفقه، لا
تكن بخيلا ولكن لا تكن سخيا جدا فينتهي بك الأمر في ضائقة مادية. مثلا، إذا أخذت
مكافأة في العمل لا تصرفها فيما يغضب الله أو في الأشياء التافهة، بل ادخرها. إن
الأيام تمر بسرعة البرق، وما توفره اليوم مهما بدى قليلا قد يساعدك كثيرا لاحقا.
توكل على الله ولا تكن من المسرفين.
7- الاستمتاع بالحياة :
قد تعتقد بأننا نناقض أنفسنا مرة أخرى، ولكن من قال بأن الاستمتاع بالحياة متصل
دائما بالمال، هذا ما تحاول وسائل الإعلام التجارية إقناعنا به لنشتري المزيد من
البضائع والأشياء التي لا نستعملها أحيانا. المتعة في الحياة، تعني قضاء ليلة
كاملة في النوم الهادئ دون الشعور بتأنيب الضمير أو حساب مصاريف ذلك اليوم.
السعادة لا تعني ارتداء أفخر الثياب والساعات أو شراء أشياء متنوعة، ولكنها تعني
الشعور بالراحة النفسية بعيدا عن الديون، والمصاريف، والكماليات الزائفة.
8-اجعل من ابنائك اصدقاء :
الآباء أيضا بحاجة إلى وقت للمرح. خذ الأطفال في يوم الإجازة إلى النوادي او الملاهي،
وهذه المرة حاول أن تلعب معهم. الأبناء هم أفضل الأصدقاء على الإطلاق، فهم يحبونك
بإخلاص ولا يريدون منك شيئا عظيما، مجرد حلوى، وألعاب، وضحك مستمر. اعلم أيها الأب
أن اللعب في الملاهي مفيد جدا لصحتك فهو يقوي المناعة، ويزيد من نشاط القلب، ويحرق
السعرات الحرارية، ويفرز هرمون السعادة والاسترخاء.
9- لكل واحد حياته :
لا تصنع نسخ مصغرة منك. لكل طفل شخصيته
المستقلة، قد يشبهك ابنك في الشكل، والتصرفات، فالأطفال كائنات ذكية جدا، تعمل
بالبرمجة البصرية والسمعية، وهم قادرون على نسخ تصرفاتنا، وعباراتنا، وسلوكياتنا
خاصة الخاطئة منها. لذا انتبه لما تقوله، وتفعله. الأبناء الذكور على وجه التحديد
ينسخون من والدهم سلوكيات التصرف مع الجنس الناعم، خاصة مع الأم والأخوات، مما
يؤثر على طريقة معاملتهم للفتيات لاحقا في المجتمع. يجب أن يسود البيت جو من
الاحترام والتعاون بين الأشقاء البنات والأولاد، وأن يكون التمييز بينهم على أساس
الخلق، والعلم، والتقوى.
وأخيرا لا تحمل ابنك فوق طاقته، وتجبره على
تحقيق أحلامك التي لم تتمكن من تحقيقها، لكل شخص أحلامه وطموحاته الخاصة به، اترك
أحلامك للماضي، واستمتع برؤية أبنائك يحققون أحلامهم الشخصية.