على منهج الجمعة الماضية ننشر الخطبة التي ألقاها
الأستاذ فتح الله بلحسن بمسجد الشهباء يوم الجمعة 15 ربيع الأول 1435 الموافق ل17
يناير 2014 وهذا نصها :
الحمد لله الذي يصطفي من الملائكة رسلا
ومن الناس ليقوموا بتوجيه البشرية إلى ما خلقوا له من استخلاف في الأرض وعمارتها
بإحسان وإلى الإخلاص في تحمل هذه الأمانة التي عرضها الله على السماوات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا.
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له أعز
الأمة الإسلامية بخاتم الأنبياء والرسل الكرام سيدنا محمد النبي العدنان الذي رفع
الله ذكره بين الآنام وأيده بالمعجزات الباهرات وفي مقدمتها القرآن الكريم كتاب
الله المبين. وأشهد أن سيدنا ومولانا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خصه الله
بتحمل الأمانة، وأداء الرسالة، رسالة الإسلام فبلغ وأدى أحسن ما يكون البلاغ
والأداء مستعينا بما أمده الله به من كرم الأخلاق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
الذين عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه رضي الله عنهم أجمعين.
أما بعد فيا
أمة القرآن وأتباع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، إن في القرآن الكريم سورا
وآيات تبرز عظمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هذه السور سورة الانشراح
التي يقول فيها رب العزة : (بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك
وزرك، الذي أنقض ظهرك، ورفعنا لك ذكرك). أيها الإخوة المومنون لقد رفع الله
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأعلى مكانته وقدره ووهبه من المعجزات العظام ما
تكون دليلا على نبوته ورسالته، وفي مقدمتها القرآن الكريم الذي جعله الله حجة
بالغة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، القرآن المعجز لكل المخلوقات على السواء
والمقنع لكل من سبقت لهم من الله الحسنى. ورفع الله ذكر سيدنا محمد عليه الصلاة
والسلام بجعل اسمه مقرونا باسمه تعالى في الشهادتين 'أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله'. ورفع الله ذكر سيدنا محمد بأن جعل الشهادة دائمة في
الكون كله تعلو في الآفاق في كل لحظة وفي كل ثانية عند الآذان للصلوات التي تقوم
في سائر بقاع العالم حسب الفروق الموجودة في التوقيت التي تستغرق كل ساعات النهار
بحيث لا تخلو دقيقة أو ثانية من سمع الآذان وسماع الشهادة فيه. ورفع الله ذكر
حبيبه المصطفى بأن جعله مرشدا وهاديا إلى الجنة التي يدخلها الموفقون برحمة الله
التي تسع البر والفاجر والمومن والكافر يقول تعالى : (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها
للذين يتقون ويوتون الزكاة والذين هم بآياتنا يومنون، الذين يتبعون الرسول الأمي
الذي يجدونه مكتوبا عندهم في الثورات والإنجيل يامرهم بالمعروف وينهاهم عن
المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إسرهم والأغلال التي كانت
عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم
المفلحون). ورفع الله قدر سيدنا محمد بأن متعه برؤية انفرد بها في السماوات العلى
إذ رأى من آيات ربه الكبرى في معراجه صلى الله عليه وسلم. ورفع الله ذكر سيدنا
محمد بأن أعطاه حق التشريع إلى جانب البلاغ الذي هو مهمة سائر الأنبياء الذين
كانوا يبلغون منهج السماء، ورسول الله عليه وسلم ائتمنه الله على حق التشريع لهذه
الأمة فأمرنا سبحانه وتعالى بالائتمار بأمره واجتناب ما نهى عنه في قوله سبحانه :
(وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). وأوجب طاعته على المومنين
وقارنها بطاعته سبحانه في قرآن كريم فقال سبحانه : (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول)
ورفع الله قدر سيدنا محمد بأن صلى عليه في الملأ الأعلى وأمر ملائكته بالصلاة عليه
وكذا سائر المومنين من أمته وذلك في قوله تعالى : ( إن الله وملائكة يصلون على
النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
ورفع ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن
جعله وأمته من الذين يجاهدون في سبيل الله ويعبدون الله حق العبادة، اذ يركعون
ويسجدون له ابتغاء فضله ورضوانه وذلك قوله تعالى : (محمد رسول الله والذين معه
أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا)، إلى
غير ذلك مما جاء في القرآن الكريم يبرز عظمة سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين.
فحري بنا أيها المومنون بان نعمر أوقاتنا بان نخصص حيزا من وقتنا لدراسة سيرة
سيدنا محمد وشمائله ونروض أبناءنا وبناتنا على الاغتراف من معين سيرته العطرة حتى
تصبح قدوتهم في مسيرتهم الحياتية ليكونوا من المفلحين.
اللهم صل على
سيدنا محمد في الأولين وصل عليه في الآخرين وصل عليه في الملأ الأعلى إلى يوم
الدين، آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.